أحمد طنيش
تفاعلا مع محور هام يخص المبادرة الملكية الأطلسية : لتعزيز مكانة إفريقيا في الاقتصاد العالمي اقترح الأستاذ حسن عبيابة في محاضرته بفضاء حوار، يوم الأحد 12 ماي 2024، بالمعرض الدولي للكتاب29 والمقام بمدينة الرباط، إحداث جامعة إفريقية بشعب وتخصصات مختلفة ومتنوعة تقربنا من إفريقيا من مدخل البحث العلمي والأكاديمي وبذلك تنفتح على المجتمع المحلي والإقليمي والدولي.
نظم هذا اللقاء الحدث برواق جامعة الحسن الثاني، وقدم له الأستاذ محمد محيي الدين أستاذ جامعي وزميل الأستاذ حسن عيابة في مجال البحث العلمي، وبذلك كان الأقرب لبسط سيرة فاعل مجتمعي وجامعي وثقافي وعلمي وسياسي واستراتيجي متعدد في واحد كما بسط موضوع اللقاء باعتباره حديث وحدث الراهن السياسي والجغرافي والاقتصادي والتنموي قاريا وعبر المحيط وعلى المستوى الدولي الجيو سياسي.
نوه المحاضر بالحضور النوعي الممثل لكل الأجيال ومهد لموضوعه كتيمته لها علاقة جدلية بالذات والآخر وبالماضي والحاضر كما المستقبل على مستوى الأثر والمنجز والفكرة والأجرأة وأبعادها، كما حدد المتحدث مخاطبه المتمثل في طلبة الجامعة والأساتذة والمتخصصين وعموم المتلقين، معتبرا أن المرحلة تدعو للتكثلات التي أصبحت الآن لها الأولوية الاستراتيجية، في ظل هذه الراهنية أشار أنه وفي إبان التحضير والتهييئ لهذه المحاضرة نقب في المرجعية الممكنة وعلى رأسها الخطابات الملكية باعتبارها قوانين ومداخل استراتيجية، فتوصل أن المبادرة دستورية في العمق لكونها حاضرة نصا وبعدا، لذا نحن مدعوين دستوريا لتنزيل المبادرة الملكية الأطلسية، كون أن الملك محمد السادس نصره الله أبدع بعدا استراتيجيا جديدا جنوب جنوب نحو نهضة اقتصادية وتنموية امتدادا لقوى التفاعل المتمر، كما جاءت في إطار السياق الإقليمي والمحلي المبادرة الملكية في خطاب الذكرى الـ48 للمسيرة الخضراء ، إذ كد جلالته دعوته لربط المغرب الإفريقي بتاريخه وربط أقاليم المغرب الجنوبية بدول الساحل الإفريقي الأطلسي الأمر الذي تم عبر تصدير الدستور المغربي الذي ينص على تقوية علاقات التعاون والتضامن مع الشعوب والبلدان الإفريقية، ولاسيما مع بلدان الساحل وجنوب الصحراء؛ إذ أكد العاهل المغربي محمد السادس أن “إطلاق مبادرة على المستوى الدولي، غايتها تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، يأتي إيمانا منا بأهمية التعاون جنوب-جنوب”. الأمر الذي أشير إليه في انعقاد القمة الـ15 لمنظمة التعاون الإسلامي التي انطلقت أشغالها السبت 4 ماي 2024 بالعاصمة الغامبية بانجول عبر الشعار الدال للقمة “تعزيز الوحدة والتضامن من خلال الحوار من أجل التنمية المستدامة”، ويندرج ضمن الهندسة الجديد للمبادرة الملكية الأطلسية الأبعاد من مشروع أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا الذي ينهل من الروح التضامنية نفسها، ويصب في نفس المبادرة لأنه يمر من الدول الساحلية الأطلسية ، وذلك باعتبار أن هذا المشروع ينخرط في الاندماج الجهوي والإقلاع الاقتصادي المشترك لتشجيع دينامية التنمية على الشريط الأطلسي لكون هذه الدول، تعاني من تهديدات متزايدة لأمنها الطاقي والغذائي ونموها الاقتصادي؛ مما ينعكس سلبا على استقرارها، ويؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية فيها.، لذا يحضر الهدف الأمني بالديبلوماسية الهادئة لخلق تكتل غايته الدفاع المشترك على المصالح الاقتصادية والاستراتيجية لهذا التكتل لمواجهة التحولات والمستجدات الجيوسياسية، في هذا الإطار شير بعض التقارير أن الحرب الروسية الأوكرانية ستلقي بظلالها على أوروبا لسنوات طويلة، مما سيضعف أوروبا وتمكنها من مساعدة إفريقيا أن الصراعات الجيوسياسية في الشرق الأوسط ستجعل منطقة البحر الأحمر غير آمن ملاحيا وتجاريا ، مما سيجعل الموانئ الأطلسية لها دور كبير في المستقبل وهنا نشير لقناة ممر السويس التي تراجعت إراداتها بنسبة 50%.، لهذا تعتبر المبادرة الملكية الأطلسية جزء من التحولات الجيوسياسية كمبادرة استباقية في افريقيا قبل أن تتشكل اقطاب جيوسياسية جديدة وتخرج القارة الإفريقية من الحسابات القادمة كما تساهم في محاربة الارهاب بالتنمية الاقتصادية للقضاء على المجموعات الإرهابية التي أصبحت أدرع حربية لبعض الدول النافذة وآلية للضغط على بعض الدول ( ايران روسيا دول اقليمية وأوروبية ).
من عمق هذه الفلسفة والاستراتيجية وأبعادها أطلق جلالة الملك محمد السادس مبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، كمسار لشراكة إفريقية فاعلية، هدفها الأسمى تعزيز روابط التعاون والاندماج بين الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، بغية توطيد ” السلام والاستقرار والازدهار المشترك في المنطقة”؛ لذا تعتبر المبادرة الأطلسية المغربية هي جزء من هيكلة القارة الإفريقية اقتصاديا وجيوسياسا ، ولاتعني أبدا التخلي عن الفضاء الأورومتوسطي ، وإنما هو مشروع مشترك متكامل جيوسياسي يربط قارة أوربا بإفريقيا، هذا وتكاملا مع هذا السياق الإقليمي والمحلي يشير السياق الدولي الذي بدأ الاهتمام به منذ خمس سنوات بالدول الإفريقية الأطلسية دوليا وخصوصا من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قامت بتعيين منسقة خاصة بدول الساحل الإفريقي الأطلسي بوزارة الخارجية الأمريكية السفيرة جيسي لابين ، وكذلك بدأ الاهتمام من طرف بريطانيا، أطلق وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن بتاريخ 18 سبتمبر 2023، شراكة استراتيجية من أجل التعاون الأطلسي كمبادرة تستشرف مستقبل الشعوب المطلة على المحيط الأطلسي، ومنذ انطلاقة هذه الشراكة تم عقد العديد من الاجتماعات رفيعة المستوى أسفرت عن اعتماد إعلان التعاون الأطلسي ووضع خطة عمل مشتركة، كما تهدف المبادرة الأمريكية للتعاون مع الدول الإفريقية الأطلسية للتغلب على التحديات المشتركة، وهي تحديات أمنية واقتصادية، وخلق التنمية المندمجة الكفيلة بضمان استدامة موارد المحيط الأطلسي للأجيال القادمة، وللإشارة فهناك اهتمام اقليمي بين الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا بدول غرب افريقيا ودول الساحل والصحراء، وبهذا فالمبادرة الملكية الأطلسية تميزت على المبادرة الأمريكية بإضافة أربع دول إفريقية حبيسة لدول المحيط ليكون المجموع 27 دولة أطلسية ومن تم طرحت المبادرة الملكية ثلاث أهداف استراتجية هامة، توسيع دول الأطلسية الإفريقية، القضاء على المجموعات الإرهابية في هذه المناطق بتنمية هذه الدول، إضافة أكثر من 60 مليون نسمة إلى دول الساحل الأطلسي، وإضافة نحو 4 مليون كم2، ونحو 45 مليار دولار من الناتج الإجمالي لهذه الدول .
من المكاسب المنتظرة والتي بدأت تظهر معالمها أن المبادرة ستعيد هيكلة القارة الإفريقية من الناحية الاقتصادية وستربطها بدول أمريكا الجنوبية والوسطى والشمالية وسيتم تقليص الهجرة من القارة الإفريقية إلى أوروبا، الأمر الذي أدى إلى اهتمام دولي بالمباراة الملكية الأطلسية في غاية الأهمية مثل الولايات المتحدة ودول الخليج والاتحاد الأوروبي، أو حتى مؤسسات مثل البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي، سيكون حاسما لتحقيق هذا الطموح المغربي لإفريقيا. وهو الدافع الذي جعل الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية يرحب بالمبادرة الأطلسية، وقد وجدت المبادرة ترحيبا من دول الساحل، ومن معظم الدول الإفريقية، وعليه فالمبادرة الملكية الأطلسية، لتعزيز مكانة إفريقيا في الاقتصاد العالمي تصور واعد من الضروري أن ننخرط فيه جميعا كمحللين ومُفكرين وباحثين في مراكز الدراسات، للإسهام في بسطه وتقديمه للرأي العام المحلي والإقليمي والدولي من أجل مواكبة هذه الرؤية الطموحة والواعدة.
تعليقات
0