خفوت أصوات المتقاعدين أهو انكسار أم إحتضار أم حالة انتظار؟

عبدالفتاح المنطري

بعدما ضجت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي عقب إسدال الستار عن جلسات الحوار الاجتماعي لدورة أبريل المنصرم بأصوات المتقاعدين والمتقاعدات وذوي حقوقهم ومطالبتهم برد الاعتبار المادي والمعنوي لهم لما عايشوه من ظلم وحيف من قبل الأطراف الثلاثة المتحاورة،الحكومة والنقابات والباطرونا،فجأة خفتت تلكم الأصوات المهمشة في بلادنا السعيدة وكأنها غير معنية بأي اتفاق اجتماعي وكأنهم ليسوا بمواطنين من دافعي الضرائب وممن قدموا خدمات طويلة الأمد طيلة اشتغالهم بالقطاعات التي كانوا ينتمون إليها،أهي إذن حالة انكسار عطلت تلكم الأصوات المطالبة بالعدل والإنصاف أم هي حالة إحتضار نسأل الله السلامة وطول العمر بما يرضي الله تعالى أم هي حالة انتظار الذي قد يأتي وقد لا يأتي كحالة انتظار غودو
المتقاعد مواطن من دافعي الضرائب
فالمتقاعدة والمتقاعد بهذا الوطن الغالي خاصة ممن لا يكتسبون دخلا إضافيا موازيا للراتب التقاعدي ،لسان الحال عندهما ما فتئ يردد:أنا المتقاعد المظلوم تستخرج من معاشي المتواضع كل الضرائب والرسوم الظاهرة والباطنة كالضريبة على الاستهلاك و الضريبة على القيمة المضافة كلما اقتنيت شيئا من متجر أو من الأسواق الممتازة وغير الممتازة أو ركبت عربة أو قطارا أو طائرة إلا البعير أو سافرت أو تنقلت غير مترجل من مكان لآخر أو احتسيت مشروبا بمقهى أو تناولت وجبة بمطعم أو تحدثت بالهاتف أو استعملت أداة تواصل إلكتروني مؤداة عنها أو دفعت ثمن فواتير الماء و الكهرباء أو اشتريت لباسا غير مهرب أو اقتنيت أدوية أو دفعت رسم تأمين أو رسوم تمدرس لأبنائي أوطلبت مصلحة مؤداة عنها أو تعاملت مع البنك أو البريد أو شركات تحويل الأموال،إلا وساهمت في عجلة الاقتصاد الوطني عبر الاقتطاعات المفروضة التي تهم حسابي البنكي أو البريدي ،بل أتحمل كل الزيادات المقررة والخفية ،المعلنة والسرية في الأسعار دون أن أشعر يوما ما أن راتب معاشي قد ارتفع قيد أنملة بالموازاة مع الارتفاع الصاروخي في أسعار العديد من الضروريات والكماليات
أداء الضرائب واجب وطني،ولا ريب في ذلك، ولكن الأمر توازيه حقوق أيضا خاصة بالنسبة للمحالين على المعاش الذين أدخلوا إلى “غرفة الإنعاش” ومنها إلى دائرة النسيان كلما تعلق الأمر بإقرار زيادات في الأجور للموظفين والمستخدمين وإن كانت لا تسمن من جوع أمام ارتفاع تكاليف المعيشة ببلادنا
شهادة رئيس الحكومة السابق
وقد أكد رئيس الحكومة السابق الدكتور سعد الدين العثماني باسم حكومته آنذاك أن الحكومة تولي عناية خاصة بالمتقاعدين من أجل الحفاظ على المستوى الاقتصادي والاجتماعي للمتقاعد و التقليص قدر الإمكان من فارق مستوى الدخل بين مرحلتي الشغل والتقاعد.وذلك خلال جلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة يوم الثلاثاء 9 يوليوز 2019 بمجلس المستشارين المخصص لموضوع “وضعية المتقاعد ومكانته في السياسات العمومية”، واعتبر أن من واجب الحكومة أن تهتم بهذه الفئة التي أفنت حياتها في سبيل مصلحة الوطن وقدمت خدمات جليلة للبلاد، وأن تضمن لها ليس فقط العيش بكرامة، بل أيضا تمكين المتقاعدين من الإسهام برصيدهم وتجربتهم في التنمية المدمجة لبلدهم. وذكّر رئيس الحكومة بعدد من التدابير التي اتخذت لفائدة متقاعدي القطاعين العام والخاص، مشيرا إلى تطبيق الحد الأدنى للمعاش والاستفادة من تخفيضات ضريبية مهمة.كما أوضح أن الحكومة حريصة على تطبيق مبدأ مراجعة المعاشات متى كان ذلك ممكنا، مذكرا في هذا الصدد بالإصلاح الذي همّ الفئة التي تضررت من النظامين الأساسيين لموظفي التربية الوطنية لسنتي 1985 و2003 (المعروفة ب “ضحايا النظامين”)، وهي المشكلة التي عمّرت أزيد من 30 عاما، قبل أن تعدل الحكومة هذا النظام الأساسي ليستفيد نساء ورجال التعليم هذه الفئة من سنوات الأقدمية الاعتبارية لاحتسابها لهم في تسريع الترقية، وتأهيلهم للترقي إلى السلم 11، والحصول على تقاعد أفضل، ولقد استفاد متقاعدو هذه الفئة تلقائيا من فوائد هذا الإصلاح
ووعيا منها بأهمية الحفاظ على مستوى عيش المتقاعدين، يضيف رئيس الحكومة، فإن الحكومة، وفي إطار مسلسل الإصلاح الشمولي لنظام التقاعد ببلادنا، جعلت من إحدى أولويات هذا الإصلاح وضع آلية شفافة لمنح وتدبير حد أدنى للمعاش، علما أن الحفاظ على مستوى عيش المتقاعدين، يمر أيضا عبر تقليص بعض المصاريف الكبيرة، وضمنها المصاريف الصحية، لذلك اعتمدت بلادنا نظاما للتأمين الإجباري عن المرض، يستفيد منه المتقاعدون و ذوو حقوقهم
نتمنى إذن أن يكون حرص هذه الحكومة أيضا على الموازنة بإعادة النظر في الفوارق الصارخة في الأجور والامتيازات والعلاوات و بالتشدد مع المتملصين والمتهربين من أداء الضرائب و بتضييق الخناق على مهربي ثروات البلاد إلى الخارج أو تبديدها بالداخل وفرض ضرائب على الثروة ومراجعة الإعفاءات الضريبية لفائدة قطاعات معينة وإرساء مبدأ العدالة الضريبية المواطنة ومحاربة الإثراء غير المشروع .أما أغلب المتقاعدين،فهمومهم أكبر مما يتصور لكم
وضعية المتقاعد بالدول المواطنة
نأتي هنا مجددا للتذكير ببعض الامتيازات التي تتمتع بها المتقاعدات ويتمتع بها المتقاعدون بالدول المواطنة مثل اليابان وألمانيا والسويد والولايات المتحدة الأمريكية أو بدول خليجية كالسعودية والإمارات وقطر منها
توفير بطاقة تأمين صحي شاملة مدى الحياة للولوج لكل المؤسسات الصحية في الدولة
امتيازات الرفاهية بخصم 50% من قيمة تذاكر السفر برا وبحرا وجوا
منح بطاقة اشتراك في النوادي والمنتجعات الحكومية بالمجان
إمكانية الحصول على القروض بدون فوائد
تنظيم رحلات سياحية بأسعار تفضيلية داخل وخارج البلاد
مجانية الولوج أو بأسعار في المتناول للمتاحف والمنتزهات والمحميات الطبيعية وحدائق الحيوانات والمسابح العمومية
مجانية التنقل أو بأسعار خاصة بالمتقاعد عبر الحافلات والقطارات ووسائل النقل العمومية الأخرى
الاستفادة من تخفيضات تجارية خاصة مراعاة لسن المتقاعد
طرح بطاقة مزايا خاصة بالمحالين والمحالات
على المعاش تهم خصما مهما قد يصل إلى النصف في كافة المشتريات
معاملة تفضيلية خاصة وإنسانية من قبل الأسواق التجارية الكبرى والأندية والشركات والأبناك لكل من تجاوز سن الخمسين أو سن الستين حسب معايير كل بلد يقدر متقاعديه
إعفاءات ضريبية عند اقتناء بقعة أرضية أو مسكن أو سيارة أو أي شيء من أساسيات العيش
إنشاء جامعة خاصة بالمتقاعدين باليابان ليقدموا من خلالها دراساتهم وبحوثهم والانخراط بدورات تدريبية من أجل خدمة المجتمع والزيادة في تدليل المتقاعد لحمايته من الكآبة ومن الفراغ القاتل،وغيره كثير من الامتيازات الممنوحة للمتقاعد
فهلا تأسينا بمن سبقونا في التطور بحفظ كرامة متقاعدينا والاستفادة من طاقاتهم وخبراتهم المختزنة وتحويلهم من “موتى قاعدين” إلى مواطنين منتجين ومشاركين في دورة الحياة المجتمعية المتعددة ونقلهم من خانة الموت البطيء المترهل إلى عالم العمل المثمر المتجدد،ففيه متعة الذات والحياة والواجب الوطني
كلمات عن التقاعد من الأستاذة هدى مصلح النواجحة
أُم فضل/إهداء لكل مدرس وصل سن التقاعد
أدركنا سنُ التقاعدِ
كُنُّا الصغارَ ونقتنيْ ألعابَنا
نَقضيْ النهارَ حمائماً وتلاقيْ
نَلهوْ كَما يلهوْ الصغيرُ بطائرٍ
نَضّحكْ لفعلٍ قد مضىْ أو باقيْ
لا نَعرفُ المرَّ ولا أقّرانهُ
كلُّ الحياةِ ودائعٌ الأشواقِ
صُرْمَاً نُجالدُ في الحياة تقلباً
رهنُ الحياةِ توددُ المشتاقِ
حتى مددنا للحياة فوارساً
عمراً طويلاً نمتطي المُطْراقِ
كمْ كانَ عِشقي في الحياةِ مجاهداً
أحمي النفوسَ بهيبةِ العملاقِ
كمْ كنتُ أحنو كالغزالِ بظئرِهاْ
أهدي إلى الأجيالِ طيبَ رواقِ
أقضي الليالي ساهداً متحفزاً
بين الدفاتر هِمةُ الخلاقِ
يأتي الصباحُ على جديلةِ عُمرِنا
والعمر يمضيْ دونما إشفاقِ
نكبرْ ويكبرُ حِملُنا وهموُنا
والنشءُ يصبح مثلنا كرفاقِ
يغتالنيْ الشيبُ الجسورُ بهامتي
في كل شَعْرِي لمسةُ الإبراقِ
والظهرُ يحنوا والمفاصلُ جلجلت
والعين تَعشيْ تستجيرُ براقِ
جاء التقاعدُ سابلاً أذيالهُ
انهضْ فقد إذنَ النوى بفراقِ
فلقد عرفت الجد كدحا باتعاً
أو ماتعاً يا جذوة الأخلاقِ
دينٌ وتقوى واجتهادٌ زانكم
فوزٌ من الله العليّ الباقيْ


تابعوا آخر الأخبار من لينابريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من لينابريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من لينابريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

السبت 21 ديسمبر 2024 - 17:46

وفاة تلميذة داخل إعدادية الگواسم جماعة تاسلطانت بمراكش تستنفر السلطات

السبت 21 ديسمبر 2024 - 16:30

رئيس مجلس جهة درعة تافيلالت يستعرض تجربة تمويل برنامج التنمية الجهوية ضمن أشغال النسخة الثانية من المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة

السبت 21 ديسمبر 2024 - 15:56

كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية بسطات… والتمادي في الخروقات والعشوائية…

السبت 21 ديسمبر 2024 - 15:26

شبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير