عبدالرحيم مسافري
عرف مسار الشاعر عبد الرفيع جواهري تحولات كبيرة ومراحل متعددة. بدأ حياته في مجال الإعلام، قبل أن ينتقل إلى المحاماة ويتبنى قضايا حقوق الإنسان، كما كان له دور بارز في الممارسة السياسية داخل حزب الاتحاد الاشتراكي. كتب عبد الرفيع جواهري العديد من الأعمال الشعرية التي عكست تجاربه الحياتية وأحاسيسه المختلفة، مستخدماً أسلوباً يجمع بين البساطة الواضحة التي تحمل في طياتها معاني عميقة ورمزية. وقد اعتمد في شعره على المزج بين التراث العربي والعالمي، مما أضفى على تجربته الشعرية خصوصية وعمقاً.
شعر جواهري يعبر عن قضايا مغرب ما بعد الاستقلال، حيث تناول تحولات البلد ومشاغل الشعب في تلك الفترة. لم يقتصر إبداعه على الشعر، بل كان له بصمة مميزة في كتابة المقالات الساخرة، التي استوحاها من الحياة اليومية، مستعيناً بالأمثال الشعبية المغربية التي جعلت من كتاباته مادة شيقة ينتظرها القراء بشغف.
الناقد أيت العميم أشار إلى أن جواهري اختار ألواناً رمزية لتميز تجربته الشعرية. بدأ باللون الأحمر وأنهى مسيرته الشعرية باللون الأزرق، كما يظهر في ديوانه الأخير “الرابسوديا الزرقاء”. هذه الألوان كانت تعكس حالات نفسية وتجارب عميقة عاشها الشاعر. كما خصص ديوانه “كأني أفيق” لتكريم مدينة فاس مسقط رأسه، وكتب عن مراكش التي عشقها، وقدم عنها نصوصاً وقصائد مميزة، منها كتابه “جامع الفنا، الصورة وظلالها”. في قصيدته عن مراكش، يتحدث جواهري عن رغبته في رؤية شمس جديدة تشرق على المدينة، شمس ليست بالحارقة.
الناقد أيضاً توقف عند قصيدة “رأيت السيف في يد من أحب”، التي يرى أنها تعكس مشاعر المرارة والخذلان التي شعر بها جواهري. تذكرنا هذه القصيدة بمشهد مأساوي من مسرحية يوليوس قيصر لشكسبير، عندما خانه صديقه بروتس. ورغم هذه اللحظات المؤلمة، فإن جواهري يبقي الأمل حياً في شعره، كما يظهر في ختام القصيدة:
“.. يَالَيْتَ لَوْ عَلِمُوا
أني هُنَا
فوق الجَوَادِ
وفي يدي الأحلامُ لا تَتَفَحَّمُ
إَنْ يَسْرِقُوا سيفي
فَمَا زَالَ بين أصابعي
يَصْرُخُ القَلَمُ”
تعليقات
0