سجلماسة بريس
اتجه المجتمع الدولي منذ بداية النصف الثاني من القرن الماضي الى ضرورة الاعتراف بالمساواة بين الرجل والمرأة ،حيث اقر ميثاق الامم المتحدة لسنة 1945 لاول مرة مفهوم عدم التمييز بين الجنسين حيث نص في مادته الاولى على احترام حقوق الانسان من غير تمييز للجنس او اللغة او الدين ولا تمييز بين الذكر والانثى . وقد واصل المنتظم الدولي جهوده القانونية والحقوقية من اجل رفع الظلم والحيف والتمييز ضد النساء ،فاعتمد في سنة 1979 الاتفاقية الدولية لمنع كل اشكال التمييز ضد النساء التي صادق عليها المغرب سنة 1993 وتم نشرها بالجريدة الرسمية سنة 2001 مع تحفظات كثيرة ،لحسن الحظ رفع البعض منها سنة 2011.
لاشك ان بلادنا بقيادة الملك محمد السادس قامت بخطوات هامة في اتجاه صيانة كرامة النساء وحماية حقوقهن ،بدءا بالنص الدستوري الذي افرد فصلا هاما في الدستور المغربي وهو الفصل 19 الذي يقر بضرورة تمتيع الرجل والمراة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وان تسعى الدولة الى الحد من التمييز في اتجاه تحقيق المساواة الكاملة ،لكن رغم التنصيص الدستوري على حقوق المراة ومصادقة المغرب على عدد من العهود والاتفاقيات الدولية التي تتعهد بموجبها بلادنا بتحسين اوضاع النساء ،الا ان عدد من التقارير الوطنية والدولية ماتزال تؤكد على ان المساواة والمناصفة بين الرجال والنساء لاتزال امرا بعيد المنال وقد اكد المجلس الوطني لحقوق الانسان في تقرير له سنة 2015 بعنوان “وضعية المساواة والمناصفة في المغرب” على ان المغرب مايزال تنتظره جهود كبرى واستثنائية من اجل الوصول الى المساواة والمناصفة بين الجنسين رغم ان المغرب من الدول الاعضاء في منظمة الامم المتحدة التي اعتمدت 17 هدفا للتنمية المستدامة ينبغي تحقيقها قبل حلول سنة 2030 في مجالات متعددة منها المساواة بين الجنسين ، ووفق تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان لسنة 2015 فان المغرب ” : يحتل المغرب الرتبة 129 ضمن مؤشر التنمية البشرية لبرنامج الامم المتحدة الانمائي (IDH-PNUD2014– ) والرتبة 92 ضمن مؤشر الفوارق بين الجنسين او دليل الفوارق بين الجنسين ،كما هو معتمد من قبل برنامج الامم المتحدة الانمائي والرتبة 133 في ما يخص مؤشر التنمية حسب النوع الاجتماعي ،في مرتبة متأخرة عن تونس والجزائر .. لايزال تحقيق المساواة والمناصفة بين الرجال والنساء امرا بعيد المنال ،خاصة وان المغرب يصنف وفقا لتقرير فجوة النوع او الفجوة الجندرية العالمية في الرتبة 133 متاخرا عن تونس الرتبة 123 .
اللقاء الذي ستنظمه العصبة الامازيغية لحقوق الانسان بشراكة مع وزارة العدل وبتعاون مع اللجنة الجهوية لحقوق الانسان وفاعلين وشركاء مؤسساتيين ومجتمع مدني بجهة كلميم واد نون حول تعزيز المساواة بين الجنسين ومناهضة العنف ضد النساء ، ارتأينا من خلاله الوقوف على الانجازات والمكتسبات الحقوقية التي حققتها بلادنا بتظافر جهود كل الفاعلين الرئيسيين في البلاد المؤمنين بالمجتمع الديموقراطي الحداثي من مؤسسة ملكية وحركة نسائية ومجتمع مدني واعلام وصحافة ومثقفين ومتنورين ، وكذا الوقوف على المعيقات والمثبطات والانتكاسات احيانا التي تعيق تحقيق المراة لكل حقوقها . لذلك اللقاء سيحاول مقاربة مجموعة من التساؤلات ومحاولة ايجاد اجابات متقاطعة ومتداخلة تجمع بين نظر المحامي والقاضي و الاستاذ الجامعي والفاعل الجمعوي .. ومن التساؤلات التي سنحاول مقاربتها :
- كيف يمكن تجاوز اكراهات الواقع لترجمة مكتسبات دستورية ، اي الانتقال من نصوص نظرية متقدمة وحداثية في اغلبها الى واقع معاش صعب واستمرار واقع اللامساواة وغياب المناصفة في الواقع العملي ؟
- · كيف يمكن الانتقال من بناء المساواة قانونيا الى بنائها ثقافيا وواقعيا؟
- يلاحظ انه رغم تاكيد نصوص تشريعية وقوانين كثيرة على الحقوق المتساوية بين الرجال والنساء ، ورغم تاسيس هيئات تسهر على تنفيذها ، نجد ثقافة المجتمع تؤسس لاشكال محتلفة من الممارسات التمييزية بين المراة والرجل بسبب استمرار سيطرة العقلية الذكورية، فالواقع الاسري وواقع تواجد المراة في الفضاء العام يلخص كل شئ ، لذلك كيف يمكن نقل وضعية المراة من وضعية الدونية والضحية الى واقع الكرامة والندية والحقوق الكاملة؟
اللقاء سيحاول يجيب عن تساؤلات مؤرقة عبر مداخل مختلفة ولكن متقاطعة ويطرح بدائل عملية تجعل حقوق المرأة في ديمومة ويجعل الاقتناع بحقوقها مسلمة اجتماعية قوية ومترسبة في نسيج المجتمع و في لاوعيه اساسا ، وهدفنا جميعا هو ان نحول الحداثة الى قناعة وموقف وسلوك للانسان المغربي .
تعليقات
0