وفي سبيل مكافحة جرائم الحاسوب يجب تدعيم التعاون المشارك بين الدول في سبيل كشف هذا النوع من الجرائم، وتعاون الأجهزة الأمنية في سبيل تتبع مرتكبي هذه الجرائم.
ظاهرة جرائم الكمبيوتر والإنترنت
إن ظاهرة جرائم الكمبيوتر والإنترنت ، أو جرائم التقنية العالية ، أو الجريمة الإلكترونية ، أو “السيبر كرايم ـ cyber crime” ، أو جرائم أصحاب الياقات البيضاء “white collar” ، ظاهرة إجرامية مستجدة نسبياً تقرع في جنباتها أجراس الخطر لتنبه مجتمعات العصر الراهن لحجم المخاطر وهول الخسائر الناجمة عنها ، باعتبارها تستهدف الاعتداء على المعطيات بدلالتها التقنية الواسعة ، ( بيانات ومعلومات وبرامج بكافة أنواعها ) فهي جريمة تقنية تنشأ في الخفاء يقترفها مجرمون أذكياء يمتلكون أدوات المعرفة التقنية ، توجه للنيل من الحق في المعلومات ، وتطال اعتداءاتها معطيات الكمبيوتر والمخزنة والمعلومات المنقولة عبر نظم وشبكات المعلومات وفي مقدمتها الإنترنت .
هذه المعطيات هي موضوع هذه الجريمة وما تستهدفه اعتداءات الجناة ، وهذا وحده عبر دلالته العامة يظهر مدى خطورة جرائم الكمبيوتر ، فهي تطال الحق في المعلومات ، وتمس الحياة الخاصة للأفراد وتهدد الأمن القومي والسيادة الوطنية وتشيع فقدان الثقة بالتقنية وتهدد إبداع العقل البشري .
لذا فإن إدراك ماهية جرائم الكمبيوتر والإنترنت ، والطبيعة الموضوعية لهذه الجرائم ، واستظهار موضوعها وخصائصها ومخاطرها وحجم الخسائر الناجم عنها وسمات مرتكبيها ودوافعهم ، يتخذ أهمية استثنائية لسلامة التعامل مع هذه الظاهرة ونطاق مخاطرها الاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية.
وإذا كانت مجتمعاتنا العربية لم تتأثر بعد بشكل ملموس بمخاطر هذا النمط المستجد من الإجرام ، فإن خطر جرائم الكمبيوتر والإنترنت المحتمل في البيئة العربية يمكن أن يكون كبيراً باعتبار أن الجاهزية التقنية والتشريعية والأدائية ( استراتيجيات حماية المعلومات ) لمواجهتها ليست بالمستوى المطلوب إن لم تكن غائبة تماماً ، وبالمقابل فقد أمست جرائم الكمبيوتر والإنترنت من أخطر الجرائم التي تقترف في الدول المتقدمة ، تحديداً الأمريكية والأوروبية ، ولهذا تزايدت خطط مكافحة هذه الجرائم وانصبت الجهود على دراستها المتعمقة وخلق آليات قانونية للحماية من أخطارها ، وبرز في هذا المجال المنظمات الدولية والإقليمية خاصة المنظمات والهيئات الإقليمية الأوروبية ، وإدراكاً لقصور القوانين الجنائية بما تتضمنه من نصوص التجريم التقليدية كان لابد للعديد من الدول من وضع قوانين وتشريعات خاصة ، أو العمل على جبهة قوانينها الداخلية لجهة تعديلها من أجل ضمان توفير الحماية القانونية الفاعلة ضد هذه الجرائم وأظهر تحليل الجهود الدولية واتجاهات القانون المقارن بشأن جرائم الكمبيوتر والإنترنت ، أغن مواجهة هذه الجرائم تم في ثلاث قطاعات مستقلة ، ( حماية استخدام الكمبيوتر أو ما يعرف أحياناً بجرائم الكمبيوتر ذات المحتوى الاقتصادي ، وحماية البيانات المتصلة بالحياة الخاصة ( الخصوصية المعلوماتية ) ، وحماية حق المؤلف على البرامج وقواعد البيانات ( الملكية الفكرية للمصنفات الرقمية ) وهذا بدوره أضعف إمكان صياغة نظرية عامة للحماية الجنائية لتقنية المعلومات.
وشتت الجهود بشأن إدراك كنة هذه الظاهرة وصك أدوات ناجحة لمكافحتها ، وهو ما أدى إلى توجه الجهود بشأن نحو صياغة نظرية عامة لجرائم الكمبيوتر والجرائم التي تستهدف المعلومات ، وهذا ما سعينا شخصياً إلى تحقيقه في موسوعة القانون وتقنية المعلومات التي وفقنا الله لوضعها في مؤلفات خمسة تتعدد في بعض الأحيان أجزاء المؤلف الواحد من بينها ، وهو ما كان وراء فكرة إنشائنا مركزاً متخصصاً لبحوث ودراسات القانون تقنية المعلومات ( المركز العربي للقانون والتقنية العالية).
الجريمة الالكترونية : حرب بلا حدود
إن الجرائم الحديثة التي أفرزتها ثورة المعلومات الراهنة تشكل هاجساً أمنياً كبيراً يهدد أمن وسلامة المجتمع، ومن أشكال تلك الجرائم الحديثة هي الجرائم الالكترونية، التي أفرزها التطور الحضاري فهي التي يجب أن نوليها مزيداً من العناية والبحث، إن التطور السريع في مجال التكنولوجيا الحديثة وثورة المعلومات واهتمام حكومات بعض الدول في متابعة هذا التطور ومواكبة كل جديد فيه والتعامل معه عن كثب من شأنه أن يؤدي إلى توفير في الجهد والوقت، إضافة تطور هذه الدول ورقيها لتجد لها مكاناً في عالم أصبح يعتمد اعتماداً شبه كامل على تسخير هذه التكنولوجيا في المعاملات الداخلية والخارجية لخدمة المجتمع، ومما لا جدال فيه انه مع التقدم المذهل في صناعة الكمبيوتر ووسائط التخزين الآلية أصبح يتوفر لدينا كم هائل من البيانات المهمة التي يتم تداولها عبر أجهزة الكمبيوتر، وإذا أضفنا لذلك الاتجاه الحديث نحو تسهيل استخدام الكمبيوتر والتحول نحو اللامركزية في تداول البيانات وسهولة اتصال الكمبيوتر بأخر سواء على شكل شبكات محلية أو خارجية أو عبر شبكة الانترنت، فإن مشكلة أمن وحماية المعلومات تزداد تعقيداً، ولا شك هنا أيضاً أن نشاط شركات أمن وحماية المعلومات والشبكات سيزداد توسعاً كلما قطعت دول العالم خطوات إضافية في طريق تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وبالتالي سوف تزداد الجرائم الالكترونية التي تعددت أنواعها ومستوياتها وطرقها، وعلى الصعيد الجنائي فهنالك أيضاً مشكلة صعبة لرجل العدالة، فإن المجرمين الالكترونيين هم من نوعية خاصة غير معروفة من قبل حيث يصعب الإمساك بهم، ان هؤلاء المجرمين أذكياء ومتمرسون بتفاصيل الكمبيوتر والشبكات والبرمجة، ومنتشرون في كل دول العالم، وتشير المعلومات إلى أن أغلبهم يقيمون في دول العالم الثالث المتخلفة في كل شئ إلا في مجرميها الالكترونيين الأذكياء ، ومن الأمور الصعبة أيضاً معاقبة مرتكبي الهجمات الالكترونية الذين يستعملون أسلوب الاختراق الآلي إلى موقع معين، الأمر الذي يعطل اتصالاته.
تعليقات
0