الأستاذة :راضية العمري
” إن كل القوانين سواء الوطنية أو الدولية تجمع على أن كرامة الإنسان حق أساسي من حقوقه وأن الناس كلهم سواسية في التمتع بهذا الحق ولذلك كان ما حدث للأستاذ حسين الطالبي المحامي بهيئة المحامين بالدار البيضاء مسا خطيرا بكرامة ليس فقط شخص المحامي وإنما بكرامة القانون الذي مرغ به في سابقة خطيرة لم تحدث حتى في أحلك الفترات ، ومسا خطيرا بكرامة الوطن. قد يقول قائل إن ماحصل مجرد حادثة إفراغ عادية بطلها محامي ولهذا زملاؤه يتضامنون معه،وأقول إن دلالات ماحدث أخطر بكثير من ذلك. والمحامون ايضا أكبر من ذلك بكثير.
إن ماحصل يفيد أن دولة الحق والمؤسسات التي نحاول ملكا وشعبا الدفع بها قدما لا تعني للبعض ممن ارتكب تلك الجريمة شيئا، ومن تم فالدفاع عن صورة مغرب حديث وآمن ومؤسسسات تحترم قوانين البلد وتتصرف على هذا الأساس هي ما دفع المحامون للخروج في تظاهرة الدار البيضاء وليس فقط مؤازرة زميل تعرض لاستباحة مكتبه وملفاته وحقوق ومصالح موكليه.
خرج المحامون بعد أن قاموا باغلاق مكاتبهم طوال فترة الحجر، وتوقف مصادر رزقهم ورزق مساعديهم امتثالا للقانون واحتراما له. خرجوا بعد أن تبرعوا لصندوق كرونا بالملايين ليس منة وإنما استحضار للواجب الوطني والتحاما مع هموم الوطن والمواطنين. خرجوا بعد أن أدركوا بحسهم الاستشرافي بأنه لا يجوز لواقعة استباحة وتسلط خطيرين وغير مسبوقين في تاريخ الوطن أن تمر بصمت.
خرجوا ليس دفاعا عن شخص وإنما عن مهنة كانت حتى الأمس تدافع عن حقوق الناس في الحفاظ على مصالحهم وأسرارهم، مهنة هي ملجأ في العالم بأسره للكثيرين،خرجوا بعد أن رأوا متعلقات تلك المهنة تشحن وترمى بالمزابل في رمزية قاسية لما وصل إليها الاستهتار بحرمة القانون. خرجوا مضحيين بصحتهم وحياتهم بعدما أدركوا أنه ليس بالخبز وحده يحيى الإنسان.
إن المحاماة كرسالة ومهنة هي من بين المهن التي تعتبر مؤشرا على مستوى التعاطي مع حقوق الإنسان وضمانا لتلك الحقوق ، على رغم بعض التصورات والتمثلات النمطية والسلبيةالتي تربط بين المهنة وممارسها إذا أخطأ يوما ما، لأن الإنسان عموما ليس كائنا مثاليا ، ولم تشأ إرادة الله أن يكون كذلك. ولأننا على الأرض نعيش، وعلى هذه الأرض لايوجد ملائكة بل يوجد الإنسان بخيره وشره، فرفقا بالقانون ورفقا بحماته والمدافعين عنه دوماحفظ الله المغرب.”
تعليقات
0