اهمية التلقيح في الوقاية من مرض Covid-19 والحد من الأشكال الحادة الناتجة عنه

لينا بريس

حمداوي يونس//سجلماسةبريس
لم يتوقف عداد مرض Covid-19 بالمغرب بعد، بل سارع في تقديم أرقام قياسية لا من حيث عدد الإصابات وكذا عدد الوفايات، فسجلت الحالة الوبائية للمرض في الآونة الأخيرة قفزة نوعية لتعود الى الاستقرار الأسبوع الفارط وتمثلت حسب أخر الاحصائيات ليومه 12 شتنبر الجاري في 904647 حالة اصابة 13546 وفاة منذ بداية الجائحة. ومن بين أهم وسائل محاربة الأوبئة والامراض حسب مختصي الأوبئة، يمثل التطعيم استراتيجية رئيسية للسيطرة على الامراض الوبائية، والتي من بينها في الوقت الحاضر نجد جائحة Covid-19.
وعلى الرغم من أن بعض الأدوية العلاجية قد اثبت نسبية نجاعتها في التخفيف من اعراض المرض(1) وليس في شفائه، تسارعت مختبرات اللقاحات ومنتجات التكنولوجيا الحيوية ومؤسسات البحث العلمي بالعالم الى تطوير لقاحات فعالة ضد الفيروس وخصصت لهذا الغرض بعض الدول ميزانيات ضخمة كالولايات المتحدة الامريكية والصين وغيرهما.
بالمغرب، تم الترخيص لأكثر من لقاح ل Covid-19 لاستعمالها على الصعيد الوطني وذلك لتحصين الساكنة بعد موافقة اللجنة العلمية المكلفة بذلك، ونذكر لقاحي سينوفارم الصيني و أسترازينيكا البريطاني في بداية حملة التلقيح ثم بعد ذلك لقاحي و”جونسون آند جونسون” و”فايزر”.
فعالية اللقاح
شاركت العديد من الدول عبر انحاء العالم في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية لمختبرات صناعة اللقاحات، وكان المغرب أحد هذه الدول المشاركة في تجريب لقاح “سينوفارم” الصيني والتي أظهرت نتائج جيدة من حيث الفعالية والأمان. وذكرت نفس الدراسة ان لقاح سينوفارم هو لقاح مُعطَّل يقدم نسخة ميتة من SARS-CoV-2 للجسم في جرعتين تفصل بينها 21 يومًا، تستخدم في تحفيز الجسم لصنع الأجسام المضادة، والتي تُعِدَ جهاز المناعة لهجمات الفيروس المستقبلية(2).
فحسب موقع المنظمة العالمية للصحة فان فريق الخبراء الاستشاري الاستراتيجي بعد الاطلاع على نتائج التجارب للمرحلة الثالثة، التي شملت العديد من البلدان أكد ان لقاح سينوفارم(3)، له فعالية جيدة تقدر بنسبة 79 ٪ ضد عدوى المرض ونفس النسبة (أي 79 ٪ ) للوقاية من ولوج مصالح الاستشفاء. وكباقي اللقاحات المعمول بها عالميا، لا تتجاوز الآثار الجانبية بعد تلقي الجرعة الأولى أو الثانية، احمرار في موضع الحقن او الحمى لدى البعض بنسب ضعيفة ولا تهدد حياة المطعمين (4).
و من بين اللقاحات المرخص لها بالمغرب كذلك، نجد لقاح أسترازينيكا و الذي وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة New England Journal of Medicine فان فعاليته تصل الى نسبة 67 ٪ ضد دلتا و 75 ٪ مقابل متغير ألفا ، أي بانخفاض طفيف عن معدل الفعالية للأول. لذلك يوصي الباحثون بشدة بتلقي السكان جرعتين من اللقاح لبلوغ المناعة الجماعية.
فلا شك أن كل هذه الدلائل والدراسات قد أدرجت في الملف المقدم للسلطات الصحية المغربية للحصول على ترخيص للاستخدام اللقاح، اذ خضع الملف الى تمحيص دقيق، اتستند على مراجعة الأدلة، والمبادئ المناعية، وتجربة اللقاح، ودراسات النمذجة، ومبادئ الأخلاق، والجدوى، والمقبولية.
وعلى نفس النهج، يتوسع عرض اللقاح في المغرب، مع الإمداد الأخير بلقاح Janssen الذي يؤخذ في جرعة وحيدة، بالإضافة الى لقاح Pfizer والذي تم الترخيص له لتلقيح التلاميذ من 12 سنة الى 17 سنة نهاية غشت الماضي.
فعالية اللقاح ضد الحالات الحرجة
عبرت منظمة الصحة العالمية (5) في مارس من هذه السنة أن ما بين 14 الى 19 في المائة من المصابين بالمرض تستدعي حالتهم الاستشفاء ومن بين هذه الحالات (3 الى5 ٪) تتطلب الاستشفاء بمصالح العناية المركزة بسبب مضاعفات المرض. لذا يمثل التلقيح ضد Covid-19 فرصة كبيرة للحد من تدهور الحالة الصحية للمصابين، خصوصا الفئات الهشة ممن يعانون من الامراض المزمنة، من سكري وضغط الدم والسرطان(6).
ووفقًا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) (7) فإن البالغين الذين تم تلقيحهم بالكامل والذين يبلغون من العمر 65 عامًا فما فوق، هم أقل عرضة بنسبة 94 ٪ للدخول إلى المستشفى بسبب مضاعفات مرض Covid-19 مقارنة بالأشخاص الذين لم يتم تطعيمهم، فيحين أن الأشخاص الذين تم تطعيمهم جزئيًا (الجرعة الاولى فقط) أقل عرضة بنسبة 64 ٪ لدخول المستشفى. وذكرت نفس الدراسة ان التلقيح الكامل وبعد مدة اكتساب المناعة يمنع من الإصابة بالمرض 8 مرات بالمقارنة مع غير الملقح، هذا مع العلم أن عملية التلقيح تستدعي مع ذلك الالتزام بالاحترازات الوقائية لكون الشخص الملقح يبقى قادرا على نقل وإصابة الآخرين في حالة الإصابة.
وقد ذكرت أحدث الدراسات المختصة بتحليل النظم أن جميع وفيات كورونا في الولايات المتحدة في شهر ماي2021 كانت بين الأشخاص غير الملقحين، شكل الأشخاص الملقحون بالكامل 0.8٪ من الوفيات فقط. واعتبرت مديرية الدراسات والأبحاث والاحصائيات الفرنسية أنه ما بين 15 يوليوز و15 غشت من السنة الجارية مثل عدد الغير ملقحين بشكل كامل 85 في المائة من الوافدين على مصالح الاستشفاء بفرنسا وازيد من 90 ٪ المائة من الوافدين على اقسام العناية المركزة (8).
فالجدير بالذكر أن لقاحات Covid-19 فعالة، بالرغم من ان نسبة صغيرة من الأشخاص الذين سيتم تلقيحهم بالكامل سيصابون بالمرض وهذه حقيقة علمية تتسم بها جميع اللقاحات إذا ما تعرض المرء للفيروس المسبب، وذلك راجع لطبيعة الاستجابة المناعية ونسبة النجاعة، ومع ذلك فنسبة تلقيح وطنية تقارب 80 ٪ ستقضي على انتشار الفيروس (مناعة جماعية) والذي نطمح لها خصوصا ان عدد الملقحين بالجرعتين بالمغرب تجاوز الى حدود يومه 16 مليون ملقح بشكل تام.
المناعة الجماعية
تشير “المناعة الجماعية” إلى الحماية غير المباشرة ضد الأمراض المعدية التي يتم الحصول عليها عندما يتم تحصين السكان إما عن طريق التلقيح أو عن طريق عدوى سابقة. و اذ يعتبر الباحثين في مجال علم الأوبئة الى ضرورة السعي وراء المناعة الجماعية عن طريق التلقيح ، وليس عن طريق السماح للمرض بالانتشار بين السكان ، لأن هذا من شأنه أن يؤدي إلى حالات ووفيات غير ضرورية.(9) فكما هو معلوم، تعمل اللقاحات على تدريب جهاز المناعة لدينا على صنع بروتينات مقاومة للأمراض (أجسام مضادة) ، كما هو الحال عندما نتعرض لمرض ما ، مما يؤدي إلى كسر سلاسل الانتقال.
ويعتمد حساب النسبة المئوية للأشخاص الذين يحتاجون إلى التحصين لتحقيق مناعة القطيع على معدل التكاثر الأساسي للمرض (R0) وتصل هذه النسبة حسب الخبراء الى 80٪ بالنسبة لمرض Covid-19 فيحين يمكن أن تزيد بقليل مع المتغيرات الجديدة.
على الرغم من أن خطر الإصابة بمرض Covid-19 ومضاعفاته أعلى لدى كبار السن أو الذين يعانون من الامراض المزمنة، إلا أنهم ليسوا وحدهم المعرضين للمرض. فالفئات العمرية الأخرى معنية كذلك بالخطر، خصوصا في الأشهر الأخيرة بعد تسجيل عدد من الحالات الخطرة لدى فئة الشباب وبعض النساء الحوامل و كذا الاطفال. وعليه فان التلقيح هو السبيل الوحيد والعلمي للخروج من هذه الجائحة بأقل الاضرار وبمنطق التجارة لنا المثال في الطلب المحتدم بين الدول العظمى للحصول على صفقات اقتنائه وما خلفته من أزمات، تجاوزت ما هو صحي الى ما هو سياسي في العديد من الأحيان (كقضية تصدير اللقاح خارج الاتحاد الأوروبي).
أخيرًا، يجب ألا يشعر الأصغر سناً بالحماية الطبيعية لنظارة جهازه المناعي وان كان خطر الوفاة جراء Covid-19 أقل من كبار السن، فإن خطر الإصابة لديهم أعلى بكثير (بسبب التفاعلات الاجتماعية على وجه الخصوص وعدم احترام الإجراءات الوقائية) ويمكن أن يكون لـ Covid-19 آثار وخيمة للغاية على المدى الطويل(10)

مراجع :
(1).A Trivedi, S Sharma, B. Ashtey Investigational treatments for COVID-19 Pharm. J. (2020), 10.1211/pj.2020.20208051
(2). S Xia, K Duan, Y Zhang, D Zhao, H Zhang, Z Xie, X Yang Effect of an inactivated vaccine against SARS-CoV-2 on safety and immunogenicity outcomes: Interim analysis of 2 randomized clinical trials JAMA, 324 (10) (2021)
(3) https://www.who.int/fr/news-room/feature-stories/detail/the-sinopharm-covid-19-vaccine-what-you-need-to-know
(4) Balsam QubaisSaeed et al (aout 2021)Side Effects and Perceptions Following Sinopharm COVID-19 Vaccination
(5) https://apps.who.int/iris/bitstream/handle/10665/340950/WHO-2019-nCoV-vaccine-effectiveness-measurement-2021.1-fre.pdf
(6) David Tougeron et Al(2021) la Vaccination contre la COVID-19 des patients atteints de cancer solide : revue et préconisations d’un inter-groupe oncologique français (CGO, TNCD, UNICANCER),
Bulletin du Cancer. https://doi.org/10.1016/j.bulcan.2021.03.009.
(7) Why There’s a Big Difference Between a Vaccinated and Unvaccinated Person Testing Positive for COVID-19
(8) DRES
(9) https://www.who.int/fr/news-room/q-a-detail/herd-immunity-lockdowns-and-covid-19?gclid=Cj0KCQjwpf2IBhDkARIsAGVo0D3Sde0YtFnU9rBJBlx6wd8-Z48PACJjIU016dJgaQqrxYnUatJN54oaAj6hEALw_wcB
(10) Etude française Epi-Phare.

تابعوا آخر الأخبار من لينابريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من لينابريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من لينابريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

1
  1. توفيق
    14 سبتمبر، 2021 - 9:51

    موضوع الساعة يستحق التصفح بالتوفيق. السؤال هل هناك من جرعة ثالثة في المغرب ؟ و متى سينتهي هذا الوباء ؟

    0 اضف تعليق إلى الاعلى

مقالات ذات صلة

الأحد 22 ديسمبر 2024 - 00:20

المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة.. الرسالة الملكية تؤكد الاهتمام البالغ الذي يوليه جلالة الملك لإنجاح التنمية الجهوية (السيد لفتيت)

السبت 21 ديسمبر 2024 - 23:10

الدكتورة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله.

السبت 21 ديسمبر 2024 - 23:01

تارودانت: مديرية التعليم تنجح في تنظيم البطولة الإقليمية للشطرنج

السبت 21 ديسمبر 2024 - 22:27

انتخاب المكتب الجهوي لمؤسسة الأعمال الاجتماعية للتعليم بجهة مراكش آسفي