نورالدين قربال
ركز المنظور الحكومي على لسان رئيس الحكومة على أن منظومة إصلاح التعليم نعتمد على المحاور التالية: الأستاذ، الجاذبية، رد الاعتبار لمهنة التدريس، وتحسين جودة التعليم.
ومن خلال تنزيل هذه المحور التي تستهدف الارتقاء بمنظومة التعليم، تم التوقيع على اتفاقية التكوين الذي يستهدف هيئة التعليم الابتدائي والثانوي. مستهدفين 80 في المئة من جيل جديد من هذا النظام التعليمي الجديد. والمدة المخصصة 5 سنوات. بغلاف مالي قدر ب 4 ملايير درهم. وجعل الإجازة في التربية عمادا أساسيا لولوج مهن التدريس. أمام هذه المعطيات الأولية نؤكد على مايلي: إن وضع 5 سنوات لهذا البرنامج تصور قاصر يتعامل مع منظومة تربوية برؤية تقنية محضة. مع الإشارة أن منظومة التعليم مسلسل مطرد يخضع لسياسات عامة تستمر عبر الأجيال وليس مقاربة سياسية ضيقة تنتهي بانتهاء الولاية الحكومية. إننا بهذا التصور نؤشر على المجهول مستقبلا. والملاحظة الثانية هو التكلفة المرتفعة والتي نخشى تبعا للملاحظة الأولى أن تضيع هذه الأموال في أمور ليست من الأولويات، كما وقع في البرنامج الاستعجالي بثوب جديد.
وللإشارة فقد وضعت الحكومة 5 سنوات للتكوين قبل أن يبدأ ممارسة الاستاذات والأساتذة مهامهم. وذلك بتخصيص ثلاث سنوات للإجازة، وسنة للتكوين المهني في مناطق التعيين، وسنة مؤدى عنها بالمؤسسات التعليمية. والسؤال هل فعلا هذا البرنامج يخدم احترام الثلاثي المحدد من قبل الحكومة” الأستاذ، التلميذ والمدرسة”؟
وإذا كانت الإجازة في التربية رافدا من الروافد الأساسية لولوج التعليم فما مصير الاختصاصات الأخرى؟ هل سيعوض بالتكوين المهني والمؤسسات التعليمية قبل الانطلاق في الممارسة الفعلية والرسمية لمهنة التعليم؟ وإذا سلمنا بأن هذا البرنامج التكويني جزء من استراتيجية عامة يستهدف البيداغوجية فهل ستعمل الركائز الأخرى بخط متواز مع الرافد الأول أم أننا سنسقط في اللاتوازن بين الاهتمامات؟
إن هذا المشروع الأولي تساهم فيه الجامعة والمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين ثم القسم داخل المؤسسة. وهذا الجمع يساهم حسب منظور الحكومة على جودة التعليم. كما سيتم تأهيل مؤسسات التكوين، كما يتحدث البرنامج على التحفيز ولكن ما طبيعته؟ لأنه طالما ترددت كلمة تحفيز ولكن دار لقمان ما زالت على حاله. لأن لدينا عطبا على مستوى التقويم والتتبع. صحيح أن أربعة ملايير درهم مثيرة، وتأهيل 50 ألف طالب خلال خمس سنوات تحد كبير. ولكن هل قادرون على بناء خيط ناظم بين الولاية الحالية والولايات المقبلة؟ لأن الأمر متعلق بمنظومة التربية والتعليم وليس شيئا آخر.
إن الحلم الذي سطرته الحكومة من خلال هذا البرنامج الحالم هو استقطاب الطلبة الحاصلين على الباك ليصبحوا مجازين في التربية والتكوين ويصبحوا مدرسين من “الطراز العالي” ويبقى السؤال الجوهري كيف تثبت الحكومة أن هذا البرنامج منبثق من القانون الإطار 17.51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، والرؤية الاستراتيجية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والنموذج التنموي الجديد، ثم من خلال هذه السنة ماذا حققت الحكومة من التزاماتها المنصوص عليها في البرنامج الحكومي؟
وحتى نكون عمليين، إن الحكومة التي أعلنت عن هذا المشروع التكويني، في نفس الوقت تقوم بمشاورات ترابية تستهدف إشراك الفاعلين في الميدان من أجل المساهمة في طرح اقتراحات لتجويد المدرسة المغربية، ولإغناء مشروع إصلاح منظومة التربية الوطنية. فهل هذا يعني أن هذه المشاورات شكلية من باب ذر الرماد في الأعين أم استراتيجية خاصة بالحكومة في هذا الباب؟
وختاما نذكر الحكومة ببعض المخرجات لهذه المشاورات التربية والتي نوجزها فيما يلي:
-تحقيق التنمية المستدامة مرتبط بالاعتناء بالموارد البشرية.
-تمكين التلميذ وتحفيز الأستاذ.
-بناء مؤسسة عمومية ترتقي بالبعد الاجتماعي، وتكون فضاء للتعايش، وصنعة الجودة والإدماج.
-تجويد المؤسسة التعليمية العمومية مرتبط بالتحديث والعصرنة والانفتاح، بناء على بيداغوجية متطورة.
- البحث عن الخيط الناظم بين المرجعيات المذكورة سلفا تجاوزا للتداخل بين المقترحات المعرقل لتحقيق الأهداف السامية للمؤسسة التعليمية العمومية.
-الالتقائية الترابية بين السلطات العمومية والمؤسسات المنتخبة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
-الاستشعار الدائم أن منظومة التربية والتكوين هي الأولية الثانية للدولة المغربية بعد الوحدة الوطنية.
-ضرورة احترام مخرجات الديمقراطية التشاركية التي تشكل ركيزة من ركائز التنظيم الدستوري للمملكة.
-مدرسة الجودة مرتبطة بالشكل والمضمون، والمبنى والمعنى، والشكل والجوهر خدمة للتوازن، والتعاون.
-استحضار جدلية اللامركزية واللاتمركز الإداري في مقاربة منظومة التكوين والتربية.
تعليقات
0