نورالدين قربال
ارتبطت الحداثة السياسية بالدولة والمجتمع. لذلك ينعت من يخرق هذه الحقيقة بأنه مساهم في الاضطراب. مما يتطلب إنتاجا فكريا من أجل تطور نمط التفكير المصحح لكل انحراف علميا وإنسانيا. لأن أصعب آفة هو العنف السياسي لأن الرابط بين الدولة والمجتمع هو الحرية.
مما يمهد للبناء الحضاري. مع التأكيد على تربية الإنسان في إطار المواطنة حيث التلازم بين الحق والواجب.هذا الإطار هو الذي يحرر كل من الدولة والمجتمع من العنف الذي قد يكون مختفيا داخل التمظهرات الديمقراطية. قد يتخذ هذا الانحراف السلوكي للممارسة السياسية أبعادا متعددة تتداخل فيها ثنائية الظاهر والباطن. والذي يؤول أخلاقيا بثقافة الشر. التي تضفي عليه الشرعية عن طريق المحاكمات الصورية.
أنذاك نسقط في السياسية المازوشية حيث التلذذ بتعذيب الآخرين. تلك الأحداث تدون تاريخيا وإعلاميا. قد يحصل أحيانا الرفض من داخل الذات لهذه الممارسات غير مسؤولة مما يعقد الأمر على الدول في الظهور باللطف السياسي. لكن في العمق دخلت في المسخ السياسي الذي يعيق التنمية للدولة والمجتمع معا.
خاصة عندما تركب صهوة الحرمان من أضعف الحقوق والحريات. بذلك سيساهم هذا العطب السياسي “الأعلى” في التفكير في آليات المواجهة المجتمعية. في هذه الوضعية تنقلب بوصلة البناء الجماعي التمثيلي والتشاركي، إلى تصرفات بعيدة عن الحكامة السياسية خاصة عندما نفتقر إلى العقلانية ونعانق ثقافة المواجهة. بدل الاهتمام بالقيم الطبيعية والسياسية لتوزيعها ديمقراطيا على الجميع. هذا من باب مراقبة الذات وتقويمها من أجل تجاوز التشويش والخلخلة إلى الحوار والتبادل المبني على الاحترام والتقدير مع الأخذ بعين الاعتبار التفاهم بين الدولة والمجتمع لأنه لكل طرف إكراهاته.
بهذا المنطق نحقق مساحة التفاوض الإيجابي، وهذا ما يميز دولة الحق والقانون. بدل نهج سبل غير مرضية محظورة قانونيا وأخلاقيا وإنسانيا. نستحضر في هذا الباب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948. والعهديين الدوليين، كل هذا يتيح مدى مراقبة الدول منظومة الحريات والحقوق الأساسية في إطار احترام سيادة الدول. مما يحدث المصالحة بين المجتمع وسائر القطاعات خاصة الاقتصادي منه.
إن الاختيار العقلاني للممارسة السياسية هو النموذج الأمثل لبسط السلم والأمن والاستقرار. يعزز هذا المنحى بالإنتاجات التشريعية الناضجة والمتفاعلة مع العقلانية السياسية والمنعكسة على الدولة والمجتمع معا.
يحتاج هذا إلى صناعة محكمة متناغمة مع القرارات السياسية الناضجة.نخلص من المشترك السياسي بين الدول والمجتمع مع التباين في التخصصات والصلاحيات إلى أن نجاح هذه العلاقة مرتبطة بعلم الاجتماع السياسي والنفسي.
إن الانسجام بين الطرفين مرتبط بالتحرر من الفردانية، والتعصب الإيديولوجي، وتجاوز المفارقات، والسلطوية السياسة، ومعانقة مفهوم الدمقرطة للدولة والمجتمع. مع ربط السياسة التطبيقية بالعلم والمعرفة بغية الترشيد والعقلنة. كل هذا في سياق يسوده السلام والأمن والاستقرار وهذا هو دور التكامل بين الديمقراطية التشاركية والديمقراطية التمثيلية. إنه عمق فلسفة الحق والقانون.
إن النظام السياسي يشمل الجميع، لأن السلطة هي التوزيع العادل لقيم الديمقراطية بين كل مكونات الدولة والمجتمع. هذا موضوع مهم في مجال علم الاجتماع السياسي. دون طغيان البعد الإيديولوجي كما سبق ذكره. هذه العلاقة يجب أن تخرج من النمطية إلى التكاملية. مع استحضار البعد الترابي وطنيا وجهويا. حيث تعزز التنمية المستدامة والبشرية والمندمجة. هذا لا يعني أن طريق الاختيار المذكور معبد وإنما هناك إكراهات تحتاج إلى الحكامة التدبيرية. مع الأخذ بعين الاعتبار التحولات الإقليمية والكونية واستحضار البعد القيمي للاختيار الديمقراطي الذي صنفه الدستور المغربي ثابتا من ثوابت الأمة الجامعة.
تعليقات
0