عبدالفتاح الحالة: باحت في القانون العام
تعد الشراكات بين الجماعات الترابية والجمعيات آلية فعالة لتحقيق التنمية المحلية المستدامة، حيث تجمع بين إمكانيات الجماعات الترابية في التخطيط والتمويل، وخبرة الجمعيات في تشخيص احتياجات المجتمع المحلي وتنفيذ المشاريع القريبة من هموم المواطنين.
وقد أسهم الإطار القانوني ممثلا في الدستور والقانون التنظيمي للجماعات الترابية في ترسيخ هذا التعاون، حيث سمح للجماعات بإبرام اتفاقيات شراكة مع الجمعيات في مجالات متنوعة كالتنمية الاجتماعية والثقافية وحماية البيئة، مع التأكيد على ضرورة الشفافية في إدارة الموارد المالية وتوزيعها.
ورغم هذه الإمكانيات القانونية والمؤسساتية، تواجه هذه الشراكات تحديات عدة تضعف من فعاليتها، ويأتي في مقدمتها ضعف الكفاءة الإدارية والمالية لدى بعض الجمعيات، مما قد يعيق تنفيذ المشاريع وفق الجداول الزمنية أو المعايير المطلوبة. كما أن غياب آليات تمويل مستدامة واعتماد بعض المشاريع على دعم مالي مؤقت يهدد استمرارية هذه المبادرات التنموية. إضافة إلى ذلك يلاحظ محدودية مشاركة المجتمع المحلي في مراقبة سير المشاريع، مما قد يقلل من شفافية العمليات ويضعف ثقة المواطنين في نتائجها.
من أجل تجاوز هذه التحديات، ينبغي تبني استراتيجيات عملية ترتكز على تأهيل الجمعيات وتطوير قدراتها، عبر تنظيم برامج تكوينية مكثفة في مجالات إدارة المشاريع والتدبير المالي، وبالتالي فإن هذا الأمر سوف يسهم في رفع جودة الخدمات المقدمة.
كما أن اعتماد نماذج تمويلية مبتكرة، كالشراكات مع القطاع الخاص وغيرها، قد يساعد في ضمان استقرار الموارد المالية وتجنب الاعتماد الكلي على الدعم العمومي.
ولا يقل أهمية عن ذلك تعزيز مبدأ الشفافية من خلال نشر تقارير دورية تفصل مراحل تنفيذ المشاريع وتوزيع النفقات، مع إشراك الساكنة في عمليات التقييم والمراقبة لضمان توافق المبادرات مع تطلعاتهم.
في الختام يمكن القول أن نجاح الشراكة بين الجماعات الترابية والجمعيات مرهون بمدى تكامل الجهود بين الطرفين، فالجمعيات المؤهلة قادرة على ترجمة الخطط إلى واقع ملموس، بينما يتعين على الجماعات توفير الدعم المادي والقانوني واعتماد آليات تقييم صارمة لقياس الأثر التنموي، وبالتالي تصبح هذه الشراكات جسرا للعبور نحو تنمية محلية شاملة.
تعليقات
0