تحولات السياسة الأمريكية وتداعياتها على العلاقات المغربية في ظل عودة ترامب

المراسل

شهد مقر “مركز مدى” يوم السبت 22 مارس 2025 جلسة نقاشية ثرية حول “السياسة الخارجية الأمريكية الجديدة والعلاقات العربية”، بمشاركة نخبة من الخبراء والباحثين، أبرزهم الدكتورة ليلى الرطيمات، أستاذة العلاقات الدولية والقانون الدستوري، والتي أدارها الدكتور محمد جليد، عضو المكتب التنفيذي للمركز.

عصر ترامب: تحولات جيوسياسية وانعكاسات عربية

استهل الدكتور جليد الجلسة بتحليل التوجهات الكبرى للسياسة الأمريكية في ظل عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بأغلبية جمهورية في الكونغرس، مؤكدًا أن هذه التحولات ستُحدث زلزالًا في الملفات الساخنة، لاسيما في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

من جانبها، أبرزت الدكتورة الرطيمات أن فوز ترامب سيعيد تشكيل أولويات واشنطن، مع التركيز على الملفات التي طبعتها إدارته السابقة، مثل الاعتراف بمغربية الصحراء وتعزيز التحالفات الأمنية. وأكدت أن “السياسة الأمريكية ستتسم بالبراغماتية المفرطة، حيث سيُدار الملف الخارجي بمنطق الربح والخسارة، ما قد يُحدث تقلبات في تحالفات تقليدية”.

المغرب والصحراء: مكاسب دبلوماسية ورهانات مستقبلية

توقفت الباحثة عند العلاقات المغربية-الأمريكية، مشيرة إلى أن الاعتراف التاريخي بوحدة التراب المغربي في عهد ترامب (2020) كان “زلزالًا دبلوماسيًا” قلب موازين النزاع الإقليمي. وذكرت أن المغرب حصد مكاسب كبيرة عبر توالي الاعترافات الدولية (إسبانيا، ألمانيا، فرنسا)، وافتتاح 33 قنصلية في العيون والداخلة.

وفي قراءة استشرافية، طرحت الرطيمات 5 ملاحظات رئيسية:

تنزيل الاعتراف الأمريكي: توقعت أن تلتزم إدارة ترامب بفتح قنصلية أمريكية في الداخلة، وتكثيف زيارات الدبلوماسيين والمستثمرين للمنطقة، تعزيزًا للشراكة الاستراتيجية.
دور أمريكا في مجلس الأمن: مع امتلاكها حق الفيتو، قد تدفع واشنطن نحو تسوية النزاع وفق الرؤية المغربية، خاصة بعد تحول الملف إلى قضية شرعية دولية.
مزاجية ترامب والمخاطر: حذرت من أن سياسات ترامب غير المتوقعة (كانسحابه من اتفاقيات المناخ والصحة العالمية) قد تؤثر على التزاماته تجاه المغرب، ما يتطلب حنكة دبلوماسية من الرباط.
التعاون العسكري والأمني: توقعت تعزيزًا للشراكة في مكافحة الإرهاب وصفقات الأسلحة، عبر مبادرات مثل “عمليات الأسد” وشراء المعدات العسكرية الأمريكية.
الاقتصاد واتفاقية التبادل الحر: رغم محدودية الصادرات المغربية إلى السوق الأمريكية، فإن الفرص تتوسع في الطاقة المتجددة والزراعة، خاصة مع دعم وكالات مثل “مؤسسة تحدي الألفية” لمشاريع الطاقة الشمسية المغربية.

خاتمة: بين الفرص والتحديات

اختتمت الجلسة بتوصيات لدعم المرونة الدبلوماسية المغربية في التعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة، مع التركيز على توظيف “القوة الناعمة” لتعزيز المكاسب الإقليمية. وفي ظل عالم متقلب، يبقى المغرب أمام اختبار حاسم لتحويل الاعترافات السياسية إلى وقائع اقتصادية وأمنية دائمة.