مدير تربوي خالد زويرشي
يُعتبر الدعم التربوي إحدى اللبنات الأساسية في تجويد العملية التعليمية وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين المتعلمين. فهو يشكل استجابة تربوية هادفة لمواجهة التعثرات الدراسية، ويساهم في الحد من مظاهر الفشل والهدر المدرسي التي تعاني منها المنظومة التربوية، خاصة في المراحل الإشهادية والمستويات الانتقالية.
تُجمع الآراء التربوية على أن التلاميذ لا يتعلمون بنفس الوتيرة، ولا بنفس الطريقة، وهذا ما يجعل البعض منهم في حاجة ماسة إلى تدخلات إضافية تُمكنهم من اللحاق بزملائهم. ومن هنا تبرز أهمية الدعم التربوي كآلية لمعالجة الفجوات التعليمية وتعزيز التعلمات الأساسية لدى التلاميذ الذين يعانون من صعوبات دراسية.
يتخذ الدعم التربوي أشكالًا متعددة، فمنه ما يُنفذ داخل الحصص الدراسية النظامية من خلال ما يسمى بـ”الدعم المندمج”، ومنه ما يُبرمج خارج الزمن المدرسي الرسمي، ويُعرف بـ”الدعم المؤسس أو الخارجي”. ويعتمد الدعم على تقنيات بيداغوجية متنوعة تُراعي خصوصيات المتعلمين وتُشركهم بفعالية في بناء تعلماتهم.
ولعل من أبرز فوائد الدعم التربوي أنه يُعيد للتلميذ ثقته في نفسه، ويمنحه فرصة لتجاوز إحساس الفشل أو العجز، كما يساعده على استيعاب الدروس التي لم يتمكن من فهمها في وقتها. فالكثير من التلاميذ لا يعانون من ضعف في القدرات العقلية، بل فقط من عدم مواكبة الإيقاع الدراسي العام، وهنا يتدخل الدعم لسد تلك الثغرات.
كما أن للدعم دورًا وقائيًا، إذ يتيح للأستاذ تشخيص تعثرات المتعلمين في وقت مبكر، والتدخل لمعالجتها قبل أن تتفاقم. ومن خلال حصص الدعم، يستطيع المدرس أن يُخصص وقتًا أطول للتلميذ، ويستعمل وسائل وطرائق مختلفة عما يُستعمل في الحصص العادية، مما يجعل العملية أكثر فعالية.
ولا يمكن الحديث عن دعم ناجح دون الإشارة إلى أهمية التخطيط المسبق، إذ ينبغي أن يقوم على تشخيص دقيق، وتحليل لنتائج التقييمات، وتحديد الأولويات. كما يجب أن يُرفق الدعم بمتابعة منتظمة وتقويم مستمر لقياس مدى نجاعة التدخلات التربوية المُقدمة.
أما على المستوى النفسي والاجتماعي، فإن الدعم يساعد على إدماج التلاميذ داخل القسم، ويحدّ من ظاهرة الانطواء أو الشعور بالنقص التي قد ترافق المتعثرين دراسيًا. كما يُعزز العلاقات بين التلاميذ ومعلميهم، ويُرسّخ فيهم روح التعاون والثقة.
ولا تقتصر مسؤولية الدعم على المدرس فقط، بل يجب أن يُنظر إليه كمجهود جماعي، تتظافر فيه جهود الإدارة التربوية، وأولياء الأمور، والجمعيات النشيطة في المجال التربوي. فكلما كان هناك تنسيق وتكامل، كلما كانت نتائج الدعم أكثر فاعلية.
إن التحديات التي يواجهها المتعلم اليوم، من ضغط المقررات، وتعدد المواد، وصعوبة بعض المفاهيم، تفرض على المدرسة أن تُعيد النظر في أنماط تدخلها، وأن تجعل من الدعم التربوي سياسة قارة لا مجرد مبادرات ظرفية تُنفذ في نهاية السنة.
وفي الختام، يمكن القول إن الدعم التربوي ليس ترفًا تربويًا، بل هو ضرورة ملحة لضمان استمرارية التعلم وتفادي الانقطاع الدراسي، وتحقيق مبدأ مدرسة الإنصاف والجودة للجميع. لذا، وجب تثمين هذه الممارسة، وتوفير الشروط المادية والبشرية لإنجاحها، وجعلها في صلب الممارسة التربوية اليومية.
الدعم التربوي دعامة أساسية للرفع من جودة التعلمات وتحقيق الإنصاف المدرسي

تعليقات
0