تواصل الهجرة غير الشرعية الجزائرية عبر البحر المتوسط بالانتشار كالنار في الهشيم ،فلازال المئات يغامرون بحياتهم وحياة أطفالهم ومستقبلهم، أملا في حياة أفضل ،هذه الظاهرة التي تؤرق الحكومة من خلال رفع عدد الزوارق نصف الصلبة التي تستعمل في ملاحقة قوارب ” للحراقة” في عرض البحر، كذلك استعمال طائرات مروحية لمراقبة السواحل بشكل أفضل ،حيث تخضع السواحل الممتدة على مسافة 1200 كلم لمراقبة بحرية و جوية ، وكان من واجب الحكومة معالجة هذه الأسباب منها فشل السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي اعتمدت في الجزائر، وانتشار الفساد مع احتكار الثروة في يد فئة لا تتجاوز 10% من الأشخاص، جعلت نسبة البطالة تتجاوز 35% بين أوساط الشباب ما يدفعهم للهجرة ،أيضا تداعيات تراجع أسعار النفط على الاقتصاد الوطني، وكذلك سقوط (تاريخي) للدينار الجزائري أمام عملتي الأورو والدولار، وتسويق إعلامي للغرب بان الدول الأوروبية أصبحت الفردوس.
باللغة الأرقام و استنادا إلى إحصائيات لقيادة حرس السواحل التابعة للقوات البحرية التي تنشرها في موقعها الرسمي يوميا ،بان قوات حرس الشواطئ للقوات البحرية سجلت إحباط محاولات هجرة غير شرعية لـ 3983 مهاجرا غير شرعي منذ 01 جانفي2018إلى غاية 31 ديسمبر 2018، ، من بينهم مئتان وسبعة وثمانون (287) نساء ،و ايضا هناك الف و مئة ستة و عشرون (1126) قصر، حاولوا هجرة الجزائر عبر سواحل إلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط مما أصبحت هذه الظاهرة التي تؤرق الحكومة من خلال رفع عدد الزوارق التي تستعمل في ملاحقة قوارب الموت ل“الحراڤة” في عرض البحر .
من المعلوم تأتي هذه الذكرى في وضع عالمي وإقليمي تزداد وضعية المهاجرين فيه سوء اذ شهدت اغلب السياسات المتعلقة بالهجرة في دول العالم تشددا استفحلت معه الممارسات المنتهكة لحقوق المهاجرين ، و للاسف على مستوى البحر الابيض المتوسط أصبح ” مقبرة مفتوحة” للمهاحرين،حيث أن أكثر من 2160 مهاجر غير شرعي ممن حاولوا الوصول إلى أوروبا عبر المتوسط، لقوا مصرعهم أو باتوا في عداد المفقودين، منذ مطلع العام 2018 ،ناهيك احصت الرابطة خلال 04 سنوات عن احباط محاولة هجرة أكثر من 9753 شخص منذ بداية سنة 2015 الى غاية 31 ديسمبر 2018 ،في حين بات البحر يحصد أرواح شباب في عمر الزهور ،الذي وصل بنحو 3000 حالة وفاة ومفقود منذ 2009 إلى غاية اليوم
وفي نفس السياق،فان السيد هواري قدور الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان يسجل بان عدد الجزائريين الذي تم توقيفهم عبر حدود القارة الأوروبية البرية البحرية والجوية أكثر من 14 الف “حراق” خلال سنة 2017، و 12700 خلال 10 اشهر من سنة 2018 وشملت قرارات الترحيل نصف عدد “الحراقة” الموقوفين الى الجزائر .
في هذا المجال ،فان السيد محمود جنان الامين الوطني المكلف بالجالية و العلاقة الخارجية للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان يؤكد بان إحصائيات حرس السواحل التابعة للقوات البحرية لا يعكس العدد الحقيقي ،نتيجة بان العدد الحقيقي للمهاجرين غير الشرعيين “الحراڤة” ، يفوق سنويا اكثر من 17500 شخص الذين نجحوا في الهجرة ووصلوا إلى الشواطئ الإسبانية والايطالية ثم توزعوا منها نحو مختلف الدول الأوروبية ،كما هناك عشرات المفقودين غرقوا في البحر ، وفيما يتعلق بعدد “الحراڤة الجزائريين الموقوفين في مراكز تجميع المهاجرين ” في الدول الاتحاد الأوروبي ، فان الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان لا يمكن لها إعطاء رقم دقيق لسنة 2018 ، وذلك بنقص المعلومات من طرف الدول الأوروبية و غياب المتابعة من طرف القنصليات الجزائرية في الخارج ، ماعدى معلومات جزئية و ذلك عن طريق عمليات الحصر والتدقيق يتم جمعها من عائلات المعتقلين،تقارير المنظمات غير الحكومية ، حيث يقدر بقرابة 17700 شخص،تبقى هذه المعلومات و الإحصائيات التي ارتأيننا طرحها للرأي العام غير مكتملة
و الجدير بالذكر ، ترحل الدول الاوروبية سنويا أزيد من 5000 جزائري من المهاجرين غير الشرعيين الى الجزائر
و في هذا المجال فان السيد هواري قدور رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان يلفت النظر المسؤولين الاوروبيين بان مستقبل الشراكة الأورومتوسطية لا يكون تصدير السلع من الضفة الشمالية بحر متوسط نحو الضفة الجنوبية على حساب الانسان ،لذلك كان من الضروري على الاحترام المتبادل لخصوصيات كل طرف، وهنا نشير إلى أن مسؤولية النجاح في بناء سلام وأمن ورفاه مشترك هي مسؤولية جماعية، لكن الإتحاد الأوروبي يتحمل القسط الأكبر فيه بحكم موقعه كقوة اقتصادية دولية، وبحكم أنه المبادر للمشروع، وهذا لا ينفي إطلاقا إعفاء الحكومة الجزائرية من مسؤولياتها تجاه شعبها.
وفي هذا الموضوع، فان الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان تحذر من تنامي تجارة البشر في البحر الأبيض المتوسط التي أصبحت امتدادها يشكل خطر على الدول النامية و الفقيرة وذلك بالانتقال الى المهربين والذين يجدون من تهريب البشر والاتجار بهم مكسبا ماليا يضاهي التجارة بالمخدرات . إذ يجني المهربون ، نحو 6 مليارات و800 مليون دولار سنويا ونحو 60 الف دولار أسبوعيا عبر البحر الابيض المتوسط. تذكرة الهجرة غير الشرعية يقدر سعرها بين ألف إلى 10 آلاف دولار أميركي، وتختلف الأرقام حسب الدولة المصدرة للمهاجرين.
و في هذه الحالة فان الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان تؤكد بان مكافحة تهريب البشر هي دائما تكون بدون جدوى إذا لم تفتح طرق قانونية وآمنة أمام اللاجئي ، ويجب أن يعي الجميع أنّ المهاجرين غير الشرعيين ليس بالضرورة أن يكونوا أشخاصاً خطرين كما يعتقد البعض فالأغلب هم الهاربون من الموت، أو الباحثون عن ما يوفر لهم العيش الكريم، لذا يجب دعمهم والتعامل معهم بشكل إنسانيّ من خلال توفير الطرق القانونية والسليمة حتى لا يعرضوا حياتهم هم وأبناءهم للخطر الشديد.
كما يؤكد السيد هواري قدور رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بان الحكومة الجزائرية ينبغي عليها تعاون مع منظمتنا حول هذه الظاهرة “الحراڤة” ،من اجل إقامة شراكة و إيجاد حلول ضرورية لمحاربة هذه الظاهرة التي تهدد شبابنا ، ونتمنى من مسؤولين سامين في الدولة الجزائرية في عدم محاولة تهميشنا آو إقصائا لان تجربتنا و خبرتنا في ميدان تعطينا نقاط أفضلية أكثر من غيرنا حتى مع المنظمات الدولية لانا فعلا اكتسبنا خبرة لا تستهان في تحليل و دراسة و كيفية تعامل مع المهاجرين غير الشرعيين و كيفية معاملة مع عائلتهم نفسانيا و طرق كيفية بحث عن ذويهم .
و الجدير بالذكر ، بان السلطات الجزائرية شددت منذ عام 2009 قوانين محاربة الهجرة غير الشرعية، فقد أقرت تجريم من يحاول الهجرة بالسجن لفترة بين ثلاثة إلى تسعة أشهر، وتجريم عناصر شبكات الهجرة غير الشرعية بالسجن لمدة خمس، إلا أن ذلك لم يثن للأسف من عزيمة الشباب الجزائري عن المخاطرة بحياتهم ، فقد تعاملنا مع حالات أبلغونا بأن حياتهم لم يأبهوا لها برميها في البحر وهي أكبر مجازفة، فلا السجن ولا الغرامة المالية تساوي شيئا أمام أكبر عقوبة يعاقبون بها أنفسهم، بقبول خطر ركوب قوارب بلا أمان يقطعون بها مئات الكيلومترات في عرض البحر، وهم يدركون أن نسبة النجاة وبلوغ مقصدهم أحيانا يساوي الصفر من تحقيق أحلامهم حسب تصريحاتهم ؟”.
تعليقات
0