بقلم اشرف لكنيزي
يتغير الزمان و المكان، تتغير أحوال الفريق تارة بين فريق حامل للقب كأس العرش، ووصيف بطل الدوري المغربي الممتاز، و تارة يصارع من أجل البقاء، لكن يظل الأشباح في مكانهم خلف الفريق، ضارين بعرض الحائط عبارة ” جمهور النتائج “، وهو ما جسده فصيل الغرين غوست مساء أمس الخميس بأحد القاعات المتواجدة خارج مدينة خريبكة، مجموعة تسحتضر إثنا عشر سنة على رؤيتها النور، شريط من التشجيع في الضراء قبل السراء، محطات تاريخية فاصلة في حياة المجموعة أكثر من حياة النادي، بحكم المتغير( من سيترأس النادي؟ من هو ربان النادي الجديد؟ الطاقم؟ اللاعبين…؟) لكن الجمهور و خاصة فصيل الغرين غوست ظل ثابتا وفيا لمبادئه مدافعا على متنفس الإقليم فريق أولمبيك خريبكة فرع كرة القدم.
حضرت يوم أمس بدعوة كريمة من مجموعة من أعضاء فصيل الغرين غوست، و الذين أعتز بصداقتهم و أفتخر على الدوام بفتح النقاش معهم بخصوص الحركية بالمغرب، و خاصة الأشباح بحكم الإنتماء و كذا شغفي بتتبع حركة الإلتراس مند بداية الألفية الثالثة بشمال إفريقيا و خاصة بدولة تونس، ثم الجزائر و المغرب، قبل دخول فكرة الباش، و الإيشارب، و التيفو…، حيث كانت أغلبية الجماهير تلج الميدان من أجل مشاهدة الفريق و تشجيعه بوسائل تقليدية من قبيل الهتاف، و كذا بحضور مجموعات غنائية أمثال ” عبيدات الرما، الدقة المراكشية…” قبل أن يتحول هذا المشجع المتيم بحب الفريق، لعضو منضوي تحت لواء مجموعة تسمى الإلتراس، لها قيمها و مبادئها، كل هذه الحيثيات التي رافقت بداية ظهور الإلتراس بالمغرب، تحتاج عدة صفحات لسردها لذلك سأتجاوزها اليوم، لأشارككم إحتفال فصيل الغرين غوست بإثنا عشر سنة من الوجود، و رسائله للاعبين و الإدارة من أجل الإستمرار و الحفاظ على متنفس الإقليم في قسم الأضواء، و العودة للتوهج.
جنود الخفاء …
بتشكيلهم ممر شرفي للاعبين و الطاقم التقني و الإدارة، وجه فصيل الغرين غوست رسالة قوية للجميع ان للفريق جنود مجندين يقومون بحمايتهم، متناسينا بذلك سوء النتائج و حتى ترتيب الفريق، مجرد الاصطفاف بشكل حضاري رافعين الشهب غير ملثمين، بوجه مكشوف للتلميذ المشجع، و الطالب المشجع، و الموظف المشجع، و الموجز المشجع، و العاطل المشجع…، باختلاف مستوياتهم الدراسية، ومكانتهم الإجتماعية، هؤلاء هم الأشباح في ذكرى ميلادهم الثانية عشر، دائما خلف الفريق، حصنهم القوي الذي يحميهم من شر المتربصين بتاريخ أعرق الفرق الوطنية لوصيكا، الذي لم تعد تفرقه على مئوية تأسيسه سوى أربع سنوات لا غير. فكانت أولى رسائل الذكرى الثانية عشر لتأسيس فصيل الغرين غوست لفريق لوصيكا، ” شرفتمونا بالحضور شرفناكم بالمرور “.
الأم مدرسة الجميع
من المشاهد المألوفة في الساحة الرياضية الوطنية خلال السنوات الأخيرة، وجود العنصر النسوي بالمدرجات خلال المباريات التي يخوضها المنتخب الوطني، و حتى الفرق الوطنية، للمشاهدة و التشجيع، لكن في وجود المرأة و خاصة الأم في الحفل الثاني عشر للغرين غوست، رسالة قوية للفريق و الجمهور، فالأم هي المدرسة الكروية التي تتحمل في خاطرها ما لا يتحمله اي مسؤول رياضي بالمملكة، هي من تسهر الليل و النهار دون ان تغمض عينها التي لا تنام، حتى تطمئن على فلذة كبدها الذي تنقل لتشجيع الفريق، تدعوا الله ان ينجيه من مخاطر الطريق، و أن يعود للبيت سالما، و في نفس الوقت تتابع المباراة و كلها أمل ان يفوز الفريق بثلاث نقاط، لتعم الفرحة و السرور في الوسط الأسري، و تشكل حافز لإبنها من أجل التحصيل الدراسي… فالأم هي الحلقة الرئيسية في هذه المنظومة الجماهيرية، إسئلوا أم عمر و غيرهن من الأمهات اللواتي فقدن فلذات أكبادهم، خلال مباريات كرة القدم، فسيجيبونكم بحرقة انهم فقدوا إبنا، فعوضهم الله بجمهور يسأل عنهم، ويزورهم، حتى لا يشعرن بغياب فلذات أكبادهم، فالإلتراس أكثر من مجرد مجموعة تشجيعية، بل عائلة بقيم يتوارثها الأجيال…
الأضلع الخمس للوصيكا تتعاهد على الوفاء
من محاسن الصدف ان يتزامن عيد ميلاد الإطار الوطني رشيد الطاوسي، و الذي تقلد مهام قيادة سفينة أولمبيك خريبكة لبر الآمان، مع ذكرى تأسيس فصيل الغرين غوست، و كذا عيد ميلاد إحدى امهات المشجعين لفريق لوصيكا، فبحنكة الكبار طلب المدرب رشيد الطاوسي كل من الرئيس نزار السكتاني، و الأم، و عميد الفريق يوسف عكادي، و سيمو ممثل فصيل الغرين غوست، للوقوف جميعا في صف واحد بعيدا عن لغة الخشب، و تحمل المسؤولية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، عبر معاهدة الجماهير على الوفاء و الإخلاص لألوان الفريق.
رئيس شاب و نائب محنك
لا يختلف إثنان على الطاقم الإداري لفريق أولمبيك خريبكة، وكذا قيمة المكتب الإداري و تكوينه هذا من جهة و من جهة ثانية فالمكتب الحالي للوصيكا تحمل مسؤولية قيادة سفينة الفريق، بعدما فقدت بوصلته وسط تضارب المصالح، بين الصالح و الطالح، فوجد المكتب الجديد نفسه أمام أزمة مالية، و عقود بامتيازات إسثتنائية، و أعضاء بصلاحيات منتهية…، لكن بعزيمة شاب دو تكوين عالي، و أخلاق رياضية و بمساعدة نائب يتمتع بحنكة عالية في تدبير الأزمات، إستطاع المكتب الحالي تجاوز العديد من العقبات، وهو ما جسده حضورهم يوم أمس بكل إفتخار و بإشادة من مختلف الجماهير الحاضرة، مؤكدين ان هذا هو التغيير الجدري الذي خرج من أجله الجمهور الخريبكي في السابع من يناير2017 ، مطالبين بتنحي الرئيس السابق و إدارته، فاليوم الجميع يعي جيدا ان لوصيكا تتعافى من تبعات الثورة الرياضية، فلا يمكن لهذا التغيير ان يسلك لبر الآمان دون إقبار بعض الجذور الفاسدة و التي تعمل بكل من أوتيت من قوة للتشويش، و إبعاد أصحاب النيات الحسنة عن الفريق حتى يتسنى لهم التلاعب في الصفقات دون حسيب أو رقيب، لذلك فكانت رسالة الاشباح واضحة نحن مع المكتب الشاب حتى يتمكن الجميع من إخراج الفريق تدريجيا من غرفة الإنعاش بأقل الخسائر، و بالكثير من المكاسب.
أشباح تحت القبور …. و أشباح خلق القضبان
مجموعة من الأشباح أعضاء المجموعة، ضحوا بالغالي و النفيس من أجل الفريق، رافقوا الفريق ثلاثون دورة، شجعوا الفريق في مختلف المنافسات ليجدوا أنفسهم تحت القبور، بعدما إختارهم القدر، لكن أرواحهم و صورهم لازالت حاضرة كأنهم لم يرحلوا، ففي كل مباراة تحضر صورهم، وتعلق بجانب الباش الرسمي للمجموعة، وحتى في الذكرى الثانية عشر لتأسيس الأشباح الخضر، تذكرهم الجميع رفقة اصدقائهم الذين وضعتهم الأقدار خلف قضبان الحرية، لكن دعاء الأشباح و ووفائهم لألوان الفريق، يصلهم صداه عند كل زيارة…
ليسدل الستار على الذكرى الثانية عشر لـتأسيس فصيل الغرين غوست، لكن لن يقف شريط الأشباح عند هذه المحطة بل سيستمر و ستستمر معه تضحيات المجموعة من أجل فريق أولمبيك خريبكة.
تعليقات
0