بقلم: عمر دغوغي الإدريسي /
وكان الهدف من استعمار المغرب هو خلق مستعمرة استيطانية والسير قدما في توسيع الرأسماليتين الفرنسية والإسبانية، هذا الاستعمار كان يعني استبدال البنة الاجتماعية والاقتصادية الموجودة بنمط الإنتاج الرأسمالي التبعية.
وهذا الاستبدال الذي أدى إلى تفتيت علاقات الإنتاج القديمة وكل ما يترتب عليه كان الهدف منه الحصول على القوة الإنتاجية اللازمة من أجل إقامة البنية الرأسمالية .
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أنه منذ أواخر القرن التاسع عشر، اهتم الأوروبيون
بمسألة الأرض في المغرب، وحظيت قضية امتلاكهم للأراضي فيه بالمادة 11 من معاهدة
مدريد سنة 1880 وبالمادة 60 من معاهدة الجزيرة الخضراء، وذلك لاقتناعهم بأن الوجود
الاستعماري مهزوز ما لم يقم على دعائم يمثلها المستوطنون الزراعيون الذين يشكلون
ضمانة لرسوخ السلطة الاستعمارية أقوى من الضمانة العسكرية، لهذا حرص المقيمون
العامون الذين تعاقبوا على حكم المغرب وخاصة الماريشال ليوطي وتيودور ستيغ على
تشجيع الهجرة الأوروبية إلى المغرب.
وما أن تم إنهاء حالة التمرد في بلاد السيبة عام 1934، وإحكام السيطرة العسكرية
على كل البلاد حتى انهال على المغرب سيل من المهاجرين الأوروبيين وخاصة الفرنسيين
للتمتع بثمار الاحتلال.
وقدر عدد المهاجرين الأوروبيين عام 1921 بنحو 75.000 مهاجر، ثم ما لبث أن ارتفع هذا العدد عام 1936 أي بعد إخضاع البلاد كلها للسيطرة العسكرية الفرنسية إلى 187.096 مهاجرا، (شكل الفرنسيون 31,4 % من مجموعهم) ليصل إلى 325.271 مهاجرا عام 1951-1952، وشكل المهاجرون الفرنسيون 35,2 % من العدد الإجمالي للأوروبيين .
وقد رافقت قوات الغزو الاستعماري، عدد من العصابات المسلحة التي شكلت قواعد خلفية
للقوات الاستعمارية، وفرقا استطلاعية لها يحمون ظهرها ويحتمون بها بغية الحصول على
الأرض وإزالة كل ما من شأنه أن يشعرهم بأنهم غرباء عن مجتمعهم الجديد، وفي مقدمة
ذلك الفلاح المغربي .
ومنذ ذلك الحين دأب الاستعمار على إعداد جداول منهجية تضم مختلف أنواع الأنظمة العقارية التي تسهل عملية مصادرة الأراضي الزراعية من الفلاحين المغاربة لكي توزع في ما بعد على المهاجرين الأوروبيين.
ومن أجل تشجيع عملية الاستيطان وجذب مزيد من المستوطنين الزراعيين فتحت إدارة
الحماية مؤسسات مالية منها الصندوق الزراعي الفيدرالي الذي بلغت ديونه على
المستوطنين الزراعيين 255 مليون فرنك سنة 1935 مع تسهيلات خيالية في الدفع.
وفي سنة 1921 أعلن السيد مالي المدير العام للزراعة أمام مجلس الحكومة عن برنامج
يهدف إلى مساعدة المستوطنين الزراعيين يدعم تنمية الإنتاج الزراعي، وتسهيل تصريفه،
وتسويق المنتجات الغذائية.
ويرتكز البرنامج على توسيع المساحات المزروعة ومضاعفة تربية المواشي وتحسين نوعية الإنتاج وإدخال مزروعات جديدة، وإنشاء مؤسسات للقرض الزراعي .
وفي 22 شتنبر 1926 أعلن المقيم العام أمام مجلس الحكومة في عرضه لميزانية سنة 1927
عن تخصيص 21,8 مليون فرنك للري الزراعي وحده بزيادة 9,5 ملايين فرنك عن سنة 1926
و14,725 مليون فرنك عن سنة 1925 وزف إلى المستوطنين بشرى الشروع في بناء شبكة من
السدود بلغت تكاليفها لغاية 1937 نحو 600 مليون فرنك .
وكان من نتائج هذه السياسة الزراعية التشجيعية أن ارتفع عدد المستوطنين الزراعيين
من 500 سنة 1920 إلى 1.000 سنة 1925 إلى 1.500 مستوطنا سنة 1927 إلى 2.067 مستوطنا
سنة 1937 ، ثم إلى ما يزيد عن 5.000 مستوطن عام 1951 – 1952 حيث شكل الفرنسيون 86
% من مجموع عدد المستوطنين، في حين شكل الإسبان 7 % والإيطاليون 2 % والمستوطنون
من جنسيات أوروبية أخرى 5 %… يتبع
تعليقات
0