عمر دغوغي الإدريسي
بالنسبة للنموذج التنموي هو إطار عام يكون في كثير من الأحيان إما مفكر فيه بشكل دقيق، وهناك نماذج تنموية ليبرالية صرفة، وهناك نماذج تنموية ليبرالية اشتراكية، وهناك نموذج تنموي آخر كالنموذج الصيني، وهو نوع من الوجود القوي للدولة في دواليب الاقتصاد، وهناك نموذج تنموي ينبني على وجود القطاع الخاص والقطاع العام كما هو الشأن للدول الاسكندينافية، خاصة على مستوى إعادة توزيع الثروة.
في الواقع النموذج الاقتصادي لا يمكن أن يكون إلا في إطار نموذج اجتماعي، حيث إنه مرتبط بعدة خاصيات التي يتميز بها كل اقتصاد، كالاقتصاد النامية لديه نموذج معين، والاقتصاد النامي الذي يرتكز على الفلاحة له نموذج معين، والاقتصاد الصناعي كذلك، كل نموذج اقتصادي لديه نموذج تنموي مواكب.
وحتى نقف عند هذا المصطلح، فالاقتصاد نشاط بشري يسعى بصفة عامة إلى إنتاج الثروة وتوسيع الإنتاج ومواجهة حاجيات المجتمع، ويسعى إلى تحويل المجتمع.
وحين نتحدث عن البلدان السائرة في طريق النمو، يعني البلدان التي ستنتقل من مستوى إلى مستوى آخر، سواء تعلق الأمر بالدخل أو الفقر أو ركود آليات الاقتصاد، كالتوسع في العمران وتطور الاقتصاد في مختلف القطاعات الفلاحية والصناعية والتجارية والخدمات وغيرها، يعني بناء نموذج يلبي بالأساس حاجيات المجتمع، إذ لا يوجد اقتصاد مجرد عن التغيير الاجتماعي وغيره من الجوانب الأخرى.
الاختلاف الوحيد القائم يوجد
في مدارس التفكير، حيث هناك من يعتبر أننا إذا خلقنا اقتصاد السوق، فإنه يخلق نوعا
من التوازن، ويحقق الناس أرباحا وبالتالي تقوم بالاستثمار الذي ينتج عنه خلق مناصب
الشغل الذي يفضي إلى رفع الدخل وبالتالي تحقيق النمو الاقتصادي، غير أن التاريخ
بين أن هذا التوجه غير كاف، وهذا النموذج تمت مراجعته في فترات تاريخية معينة في
مجموعة من البلدان.
هناك رأي يقول بأن الدولة عليها أن تتدخل، وهناك رأي آخر يقول العكس، فيما رأي ثالث يقول بتدخل الدولة في لحظات معينة فقط. وكلها آراء فكرية لها ارتباط بالكيفية التي يمكن بها تحويل المجتمع.
توقيف ثلاثة أشخاص يشتبه في تورطهم في قضايا إجرامية مختلفة
في هذه النقطة بالذات، هل يمكن أن نقول إن المغرب اعتمد نماذج تنموية معينة منذ الاستقلال إلى اليوم، وهل كانت هناك رؤية لنموذج معين؟
قبل ذلك، الاستعمار حين دخوله كانت لديه رؤية لنموذج اقتصادي،
والنظام الاستعماري بني رؤيته الاقتصادية على أساس توسع الرأسمالية حتى يغزو
مجموعة من لبلدان، وبالتالي استغلال واستثمار خيرات هذه البلدان حتى يرفع من قوته
الاقتصادية والعسكرية.
لما حل النظام الاستعماري بالمغرب، غير النظام الاقتصادي القائم بالبلد، والذي اعتمد أساس على نظام فلاحي جزء كبير منه له علاقة بالرعي، كما أن الكثافة السكانية للمغرب في بداية العشرينيات كانت قليلة، بعد ذلك وفي الفترة الاستعمارية تطورت البنيات التحتية، ومنها ميناء الدار البيضاء الذي غير وجه المغرب، بالإضافة إلى الطرقات والسكك الحديدية والمناجم، زيادة على ذلك لحقت هذه التغييرات النظام ألفلاحي أيضا، حيث أصبحت عصرية، وظهور بعض الصناعات وكذا طبقة عاملة كانت غير موجودة من قبل، ونوع من التمدن وظهور مدن جديدة، كالقنيطرة، وهذا كان نموذج للاقتصاد الاستعماري.
وبعد الاستقلال، شرعت الحكومات السابقة في تطبيق نماذج أخرى، أساسا منذ 1956 إلى غاية حكومة عبد الله إبراهيم، وهنا نجد وثائق ترتبط بهذا الموضوع، خاصة التخطيط الخماسي الأولي للفترة ما بين 1960 و1964، والتي كانت في اتجاه استقلال البلاد اقتصاديا وفك الارتباط بفرنسا وتنويع العلاقات مع الخارج، وخلق العملة الوطنية، وبنك المغرب والتوجه نحو التصنيع، كانت هذه الفكرة عند العناصر التقدمية التي كانت في الحكومات خلال تلك الفترة، والتي تأسست على ضرورة توجه المغرب نحو التصنيع وألا يقتصر فقط على الفلاحة.
تعليقات
0