بقلم: عمر دغوغي الإدريسي
أن فشل النموذج التنموي يعود إلى أسباب متعددة منها ضعف الحكامة وضعف إشراك المواطنين في العملية التنموية زيادة على هيمنة المقاربة التكنوقراطية عوض المقاربة التشاركية.
وعلى هذا الأساس أؤكد أن المغرب في حاجة إلى الرجوع إلى التخطيط، ليس إلى التخطيط الإلزامي المعمول به سابقا في الدول الاشتراكية، أو التخطيط الذي اتبع في المغرب وبعض البلدان الرأسمالية الأخرى، بل إلى التخطيط الاستراتيجي الذي من شأنه أن يعطي لمختلف البرامج القطاعية بعدا استراتيجيا ونسقا موحدا حول أهداف مشتركة.
الجميع يقر اليوم بحاجة المغرب إلى تبني نموذج تنموي جديد، كما
أكد على ذلك الملك في خطابه الأخير بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الخريفية.
وتأتي هذه الحاجة بعدما استنفد النموذج التنموي المطبق اليوم كل إمكانياته مع الإشارة إلى ما تم تحقيقه من مكتسبات خلال العقدين الأخيرين على مستويات عدة.
والنموذج التنموي كما نراه، ينبغي أن
ينطلق من الإخفاقات والمكتسبات،وعليه تقويم هذه الإخفاقات وتثمين المكتسبات.
الإخفاقات التي أصبحت واضحة للعيان تتمثل بالخصوص في عدم مسايرة تحسين مستوى عيش الساكنة مع التطور الاقتصادي، لأن النمو الاقتصادي لم ينعكس إيجابا على الرفاه الاجتماعي والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية.
يمكن حصر العوامل التي كانت وراء هذه المفارقة وفشل النموذج
التنموي المغربي في ضعف الحكامة وغياب الرقابة، وضعف إشراك المواطنين في العملية
التنموية وهيمنة المقاربة التكنوقراطية على المقاربة التشاركية، والاستناد إلى
المرجعية الليبرالية واعتبار إشكالية توزيع الدخل مسألة ثانوية سيتم تجاوزها بصفة
تلقائية.
النموذج التنموي يرتكز على فروع
أساسية وهي النموذج الاقتصادي والمجتمعي والسياسي، ما السبيل إلى نموذج تنموي
مغربي يزاوج بين هذه الفروع، بشكل متوازن؟
طبعا ينبغي الرجوع إلى الفكرة الأولى
التي خرجت عن علماء الاقتصاد، والتي تعتبر الاقتصاد علما اجتماعيا.
والهدف من وراء العملية الاقتصادية يكمن في تلبية الحاجيات الأساسية للمواطنات والمواطنين، وبالتالي الأمر يتطلب معالجة شمولية تمزج، بين مختلف هذه العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية بالعوامل غير الاقتصادية للتنمية.
إذ لا يمكن تصور نموذج تنموي دون الأخذ بعين الاعتبار مقومات الشعب الحضارية واللغوية والفنية والعقائدية يمكن أن نأخذ كمثال حالة البلدان الآسيوية الصاعدة التي عرفت كيف توظف إيجابيا خصوصياتها الثقافية في العملية التنموية.
يرى متتبعون أن المغرب يسير بسرعتين، من ناحية توجد مخططات
ضخمة استفادت من أموال كثيرة، لكن بالمقابل أثرها على المواطن تبقى محدودة؟
هنا تكمن المفارقة، من جهة تراكم الثروات ومن جهة أخرى تراكم البؤس،وتتم العملية الأولى على حساب تفاقم الفقر الذي ليس قدرا بل هو نتيجة تركز الثروات والاغتناء الفاحش لفئة قليلة، ويبقى التحدي الأساسي هو معالجة هذه التفاوتات من خلال سياسيات عمومية مبدعة وشجاعة وإراداوية.
تنطلق من الإنتاج مع تحقيق
التوازن بين مدا خيل الرأسمال ومدا خيل العمل، وتستمر خلال إعادة التوزيع من خلال
توفير خدمات عمومية ذات جودة عالية كالصحة والتعليم والسكن والنقل العمومي وغيرها
من الخدمات، هذا مع تبني نظام جبائي مبني على العدالة، وضمان تكافؤ الفرص بين
أفراد الشعب.
يرتبط نجاح النموذج التنموي بتحقيق
النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، كيف يمكن فك الارتباط بين نسب النمو التي
يتم تسجيلها بأداء القطاع ألفلاحي، حتى لا يرتهن الأداء الاقتصادي والتنمية
الاجتماعية بالتقلبات المناخية؟
من الملاحظ أن النمو الاقتصادي
ما زال رهينا بالتقلبات المناخية، وإن كانت هذه التبعية قد تراجعت نسبيا خلال
السنوات الأخيرة بفضل عصرنه القطاع ألفلاحي.
وللحد من تأثير العوامل الطبيعية على النمو ينبغي تطوير القطاع ألفلاحي، لا بالشكل الذي تتم به الأمور في إطار مخطط المغرب الأخضر، وتصنيع البلاد تصنيعا حقيقيا بالاعتماد على التكنولوجيا والابتكار وتطوير البحث العلمي والرفع من مؤهلات اليد العاملة…. يتبع
تعليقات
0