سجلماسةبريس
“الزواج والكونكوبيناج بالدول العربية”هو عنوان الكتاب
الذي أصدره الباحث شكيب جسوس عن دار النشر ملتقى الطرق. في هذا الكتاب،
يعود جسوس إلى الأشكال التقليدية للزواج والأنماط الجديدة للعلاقة الزوجية
في بلدان الخليج، ومصر وسوريا، والمنطقة المغاربية. ويركز هذا المنتوج
بالخصوص على التطورات الحاصلة في مؤسسة الزواج بالدول العربية في اتجاه نوع
من “التحليل، من الحلال” لبعض العلاقات من أجل إيجاد صيغ تناسب أشكال
الممارسات الحديثة للعلاقات بين الرجل والنساء.
يعود الباحث، من خلال هذا العمل، إلى الزواج ليس كمؤسسة
نمطية ثابتة بل كمؤسسة، ورغم استقرارها في الوجود، إلا أنها تعرف تغيرات
متلاحقة. فإلى جانب، الشكل الرسمي
للزواج المدعوم دينيا، نشأت على امتداد خريطة العالم العربي أشكال متعددة
من المساكنة التي أضحت تنتشر إلى جانب الزواج الرسمي التقليدي. ويفسر جسوس
هذا التعدد بمسلمة نظرية تعتبر أن هذه الأشكال الجديدة من المساكنة تعود
إلى محاولة التكيف مع التغيرات العميقة الطارئة على المجتمعات العربية.
ولذلك يعتبر الكتاب أن العديد من أشكال المساكنة
“الحلال” وجدت من يجد لها شرعية في الدين ذاته. ومن أجل التأسيس لأطروحته
عاد جسوس، في بداية الكتاب، إلى تصورات الأديان التوحيدية للزواج، ليستخلص
انسجام مواقفها حول الزواج والتي أعطته مكانة متميزة. فسواء تعلق الأمر
باليهودية، المسيحية أو الإسلام فإن القاسم المشترك بينها، الدعوة إلى
تقديس الزواج داخل مؤسسة تؤدي عددا من الوظائف.
ولعل أهم التطورات التي يقف عندها الكتاب ما يسميه: “إحباط الشباب العربي”
الناتج عن التفاوت بين التطورات الاقتصادية والاجتماعية والقانون. ففي
الوقت الذي تحولت فيه البنية الاقتصادية والاجتماعية في اتجاه تأخر سن
الزواج على ما بعد الثلاثين لا تزال القوانين في العديد من البلدان العربية
تعتبر الممارسات الرضائية محرمة بالقانون ويتهدد اصحابها السجن. وما بين
سن النضج الذي قد يبدا مبكرا – حوالي 15 سنة
أو اقل، وسن الزواج توجد مسافة زمنية تفرض على الشباب التعامل معها
وتدبيرها. وبالإضافة إلى ذلك يتوقف الكاتب عند نقص التربية الجنسية السليمة
للتعامل مع الجسد خاصة مع كثافة فضاءات الاختلاط.
وفي فصل آخر يعود الكتاب إلى اختلاف تصورات الزواج بين السنة والشيعة كأكبر
طائفتين في الإسلام حيث أن تباينهما في فهم النصوص بعد وفاة الرسول أفرزت
تباينا في باقي التصورات لم يسلم منها الزواج. واستعرض مختلف أنواع الزواج
وموقف المذاهب منها من قبيل نكاح الفاسد، ونكاح الباطل، وزواج الفاتحة
والزواج العرفي وزواج المتعة أو زواج المسيار وغيرها.
ويضم الكتاب جردا لأشكال الزيجات ووضعيته بكل من مصر، المغرب وتونس. وعلاقة
بالتطورات الحديثة في العالم العربي، عاد جسوس إلى عدد من الظواهر التي
رافقت ما بعد الربيع العربي وخاصة أشكال الزواج التي روج لها عدد من أشهر
الشيوخ والمفتين من قبيل اليمني عبد المجيد الزنداني الذي أفتى بتحليل
“زواج الصداقة” مبررا إياه بالصعوبات الاقتصادية التي يواجهها الشباب لبناء
بيت الزوجية. كما توقف الكاتب عند جهاد النكاح الذي عاد إلى الواجهة بعد
الأحداث التي شهدها العراق وسوريا مع ظهور تنظيم داعش وسفر عدد من الشباب
والشابات إلى هذه المناطق لممارسة ” الجهاد”. وفي محاولته للتبع الظاهرة
على مستويات أوسع تناول جسوس أشكال المساكنة بدول الجوار العربية خاصة حيث
ينتشر اللاجئون السوريون والعراقيون وخاصة بتركيا وهي المساكنة التي تراوحت
بين ممارسة الدعارة، وتعدد الزيجات، والزواجات العرفية.
يذكر أن اهتمامات جسوس السوسيولوجية والأنتروبولوجية
تعود لاشتغاله لمدة طويلة على تطور المجتمع التقليدي المغربي، حيث صدر
للمؤلف، عددا من الكتب من قبيل “استغلال البراءة: تشغيل الأطفال في المغرب”
(2004)، و”حمل العار دراسة حول الأمهات العازبات وأطفالهن في المغرب” (2013)، و”علم الاجتماع والتكفل بأطفال الشوارع”.أطفال الشوارع علم الاجتماع والمرافقة لإعادة الإدماج” (2019)
تعليقات
0