دور الجمعيات في تعزيز جهود التضامن المجتمعي لمواجهة جائحةكوفيد 19

لينا بريس

إيمان لعوينا باحثة في العلوم السياسية خبيرة وناشطة في المجتمع المدني

يعتبر التضامن وظيفة مجتمعية معاصرة ومقوم من مقومات الدولة الحديثة التي تعلي من قيم العيش المشترك والحياة الجماعية ليصبح رأسمال لا مادي يؤهل المواطنين نحن التطوع الارادي في أوقات الشدة والرخاء مما يسهم في استقرار المجتمع واقلاعه.

و التضامن باعتباره تعاون وعمل مشترك و مسؤولية تقع على عاتق الأطراف كل حسب دوره وقدرته في الجماعة الواحدة، فان الأمم والمجتمعات تبتكر دائما أوقات الأزمات أشكال وتعابير تدعم تضامنها وتماسكها الدفاعي ، حينما تصبح في حالة دفاع عن البقاء لنستحضر في هذا المقام قولة هوبز الذي كشف عن السبب في قوله :” انها المؤسسة التي تقلص اللايقين. “

ولقد شهد العالم خلال العقود الثلاثة الأخيرة تحولات اقتصادية وجيوستراتيجية سريعة ومتلاحقة ،ضاعفت التحديات التي على الدول مواجهتها  لاسيما مع انتشار فئات واسعة تعاني الفقر والتهميش والفاقة ،مما دفعها إلى تفويض هذه الوظيفة المجتمعية أو جزء كبير منها للفاعليين الاجتماعيين الجدد، وهم المنظمات المدنية لتساهم بقوة في إعادة توزيع الأدوار الاجتماعية .

وستبرز قيمة التضامن وكافة القيم المنضوية تحتها: التكافل، التكاثف، التعاضد، الدعم ،المساندة …في مواجهة قيم السيولة التي تعلي من منسوب  الفردانية  والمادية على حساب الروح الجماعية.

فأصبح التضامن المجتمعي شكلا من أشكال التظافر الوظيفي بين الدولة والمجتمع ازداد منسوبه في مواجهة أزمة كوفيد 19 نموذجا.

فما هي أهم أدوار التي نهضت بها المنظمات المدنية بالمغرب ابان فترة الجائحة؟

وكيف ساهمت في تعزيز جهود الدولة فيما يتعلق بالشق الاجتماعي تحديدا ؟

وماهي افاق النهوض بالعمل المدني التخصصي لاسيما لما بعد فترة الحجر الصحي؟

تجلت الأدوار الأساسية الثلاث للمنظمات المدنية خلال فترة حالة الطوارئ الصحية في ما يلي:

  • الدور التوعوي التحسيسي: حيث تم  إنجاز أكبر حملة تحسيسية في المغرب خلال العقد الأخير انخرطت فيها جميع مؤسسات الدولة والمجتمع لإقناع الناس بلزوم الحجر الصحي و الانضباط للإرشادات الصحية والوقائية للحيلولة دون تفشي الوباء عن طريق المخالطة.
  • الدور الاجتماعي التضامني : حيث بادرت الجمعيات بمختلف التخصصات بحسب ما يسمح به القانون إلى مد يد المساعدة للأسر التي توقفت مواردها بسبب الاعلان عن حالة الطوارئ الصحية، من خلال توفير المؤون الغدائية والأدوية قبل أن يصل الدعم المباشر الذي خصصته الدولة للأسر الفقيرة من صندوق تدبير جائحة كوفيد 19 .
  • الدور التأهيلي التكويني : حيث عملت العديد من المنظمات المدنية على إطلاق البرامج التكوينية والتأطيرية التأهيلية،  عبر مختلف المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، مما ساهم في رفع الوعي الجمعي خلال هذه الفترة الاستثنائية، وارتفع النقاش المجتمعي عن ماكان عليه سابقا من انتشار للتفاهة والعبثية.

كما واكب المجتمع المدني الجهد العموميلمحاصرة الوباء، لا سيما على المستوى الاجتماعي ،حيث استفادت شرائح واسعة من دعم الدولة للفئات الهشة ،بحيث استفاد أزيد من 900000 أجير متوقف عن العمل خلال شهر أبريل المنصرم  من صندوق الضمان الاجتماعي ، و3,7 مليون يتوفرون على بطاقة التغطية الصحية الراميد عاملين بالقطاع غير المهيكل ، و2,3 مليون لايتوفرون عليها ، وبهذا يكون المغرب قد شهد أكبر عملية للدعم الاجتماعي للأسر في وضعية هشة خلال السنوات الأخيرة.

إضافة إلى إطلاق عملية ضخمة لإيواء الناس في وضعية شارع والتكفل بهم . وتدابير اجتماعية أخرى تعززت فيها الالتقائية بين مؤسسات الدولة والسلطات المنتخبة لسد الاحتياج الاجتماعي في هذه الظرفية تحديدا ، هو استثمار في  الثقة  بين الدولة والمؤسسات .

وإلى حين إيجاد اللقاح أو الدواء لوضع حد لانتشار هذا الوباء ،فإن التعايش مع هذا الوضع الاستثنائي سيبقى مستمرا لفترة لاحقة ، وبالتالي فإن حركية المنظمات المدنية ستبقى محدودة على المستوى التجمعاتي ولكنها ستبقى أكيد على المستوى التواصلي والتفاعلي ببعدين أساسين هما:

  • البعد الأفقي : والذي يجب أن يكون شموليا لجميع الجمعيات بمختلف التخصصات متعلق تحديدا باستدامة جهود التوعوية والتحسيسية،  لأن فترة الخروج من الحجر الصحي هي بالتأكيد أصعب من فترة الدخول اليه، ويجب الحرص على تملك أفراد المجتمع دون تراخي للاحتياطات الوقائية والحمائية.
  • البعد التخصصي: بحيث على الجمعيات المؤهلة تحديدا التي تشتغل في إطار تخصصاتها أن تكيف شراكاتها الانية والمستقبلية مع ما تمليه الظرفية، حيث يبلغ عددها حوالي 20000 جمعية تعمل في إطار الشراكة مع قطاعات حكومية، مؤسساتعمومية ، جماعات ترابية ، منظمات دولية.، ولعل أهم ما يجب العمل من أجله هو المساهمة في التصدي للأضرار الاجتماعية والاقتصادية للجائحة بنفس تعاوني تضامني بينجمعياتي.

وأخيرا لا يمكن إغفال الجانب الترافعي/ الاقتراحي، تجاوبا مع ما فرضه الوباء من رهانات ، فإن الترافع من أجل الحق في الصحة والبيئة السليمة النظيفة والحق في الماء وما يدور في فلكهم من حقوق أخرى،  ستكون له أهميته القصوى لا سيما أن العالم يشهد تنزيل الجيل الجديد لأهداف التنمية المستدامة في أفق 2030 ، و لاسيما أن تحديات موجات الأوبئة ستكون متلاحقة في القادم من الأيام كما تشير إلى ذلك بعض الارهاصات والتوقعات ..

تابعوا آخر الأخبار من لينابريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من لينابريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من لينابريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

السبت 21 ديسمبر 2024 - 17:46

وفاة تلميذة داخل إعدادية الگواسم جماعة تاسلطانت بمراكش تستنفر السلطات

السبت 21 ديسمبر 2024 - 16:30

رئيس مجلس جهة درعة تافيلالت يستعرض تجربة تمويل برنامج التنمية الجهوية ضمن أشغال النسخة الثانية من المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة

السبت 21 ديسمبر 2024 - 15:56

كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية بسطات… والتمادي في الخروقات والعشوائية…

السبت 21 ديسمبر 2024 - 15:26

شبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير