نورالدين قربال
يخطو المغرب خطوات مهمة جدا، مما جعله قبلة لدول عالمية نظرا للتطور الذي يعرفه، ناهيك عن فتح أوراش نحو الحماية الاجتماعية وتحضير النموذج التنموي الجديد الذي يشكل إطارا مرجعيا لكل البرامج العملية التي سترى النور خاصة بعد الاستحقاقات المقبلة.
أما قضيتنا الوطنية فقد اتخذت مناحي متقدمة جدا، والمشاريع المفتوحة هناك مؤشر على ذلك. والذي يعطي لكل ما ذكرناه هو الإشراف الفعلي لجلالة الملك على هذه المشاريع، ونستحضر رؤية جلالته في مقاربة جائحة كورونا، وطنيا ودوليا، رغم بعض التراجعات التي نعيشها والتي يمكن استدراكها إذا تحسن السلوك البشري في الالتزام بتوجيهات الدولة في هذا المجال.
لهذا لم يرق لبعض الدول ما يقوم به المغرب، وبدأت تخطط للتشويش على هذا الاختيار الديمقراطي الذي كرسه دستور 2011. ويمكن أن نرصد بعض القضايا التي تثير هؤلاء المشوشين:
-تسليم “إيسيسكو” مجموعة من اللوحات لتلاميذ جهة الداخلة-وادي الذهب، مصرحة أنها ستظل وفية لدعم المغرب، وهذا اعتراف بالسيادة المغربية على أراضيه مما يقلق الذين يسبحون في الماء العكر.
-الإعلان عن انعقاد الملتقى السادس للمحاكم الدستورية الإفريقية بالمغرب خلال شتنبر 2022، والذي سيتوج المغرب رئاسة المؤتمر لمدة سنتين، وهذا مؤشر على الريادة المغربية، يكفي أن نذكر اعتبار جلالة الملك رائدا في مجال الهجرة من قبل الإتحاد الإفريقي.
-تسريع عملية التلقيح على المستوى الوطني وتهيئ الظروف لذلك عن طريق اللوجستيك والتوعية، وتمديد الزمن إلى الثامنة مساء، والتقليص من العمر إلى 25 سنة. لذلك تجاوز المغرب 10 ملايين من الملقحين، مما يجعله من الدول العالمية المتقدمة في هذا المجال.
-تأكيد معهد حكومي ألماني على خطورة المغرب في منافسة المغرب لدول أوربية في الاستثمار بإفريقيا. خاصة بعد الخطاب الملكي الافتتاحي بأديس أبابا أثناء الرجوع إلى الاتحاد الإفريقي. الداعي إلى شراكة إفريقية إفريقية مبنية على التضامن والتعاون ورابح رابح. بما في ذلك التكامل الإفريقي والأوربي، دون تمييز أو تميز.
ومما أجج هذه الحملة الشرسة أن المغرب هو ثاني مستثمر بإفريقيا، وقد أصبحت الشركات المغربية تفوز بصفقات كانت بالماضي من نصيب الآخر فقط، إذن هناك تحول مهم على مستوى القارة الإفريقية والمغرب مساهم فيه بكل ما يملك من قوة وخبرة.
لذلك احتج المغاربة جميعا على ماراج حول نظام “بيغاسوس”. أو التجسس. وهذا في العمق مس بالأمن الذي يستهوي المقبلين على التعاون مع المغرب. وللإشارة فالمغرب أصبح مرجعا استراتيجيا لمحاربة الإرهاب العالمي. وبالتالي أصبح العالم يعتمد المغرب في مواجهة الإرهاب والجرائم وغيرها من السلبيات التي تغتال الديمقراطية وحقوق الإنسان. وللإشارة من الواجب أن يستمر المغرب في مسيرته التنموية دون الانشغال بهذه التشويشات غير الدائمة، لأن موقع المغرب الاستراتيجي تعزز من خلال العمل المتواصل.
-العلاقات المتميز مع الولايات المتحدة وتغييرها للخريطة التي نشرت عبر أهم المواقع الرقمية التواصلية والتي أصبحت شاملة لكل مناطق المغرب السيادية والدخول معها في استثمارات استراتيجية، ودخول إسرائيل كعضو ملاحظ للاتحاد الإفريقي، كل هذا يمهد لطرد الدولة الوهمية من الإتحاد، الذي سيتحرر من عقدة عمرت منذ الثمانينات. كل هذا أحرج الجيران التقليديين، وزعزع أركان الدولة الجزائرية.
-دبلوماسية الوضوح والطموح التي رفعها جلالة الملك، وتوقيع اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف تجاوزت الألف، وترسيم حدوده البحرية عوامل دافعة لهذا الاستهداف البخس والمنحط ويضرب في العمق البعد الديمقراطي الذي طالما ظلت تردده هذه الدول التي انبطحت لمواقف هزيلة لا تليق بكرامة الدول والمجتمعات.
-دخول المغرب في التزامات كبرى من أجل الحد من التغييرات المناخية، وتنظيم الكاب 22 بمراكش وإعلان خاص بإفريقيا والتحضير المغربي استراتيجيا لهذا العمل من خلال اقتنائه لأقوى حاسوب عملاق على مستوى مراكز الأرصاد الجوية الإفريقية، الذي سيقدم معلومات تلقائية حول الآثار الناتجة عن المناخ وانعكاساتها على البعدين الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. أعمدة مشاريع التنمية المستدامة.
-استقرار الاستثمارات الأجنبية بالمغرب، رغم جائحة “كورونا”. والتي قدرت سنة 2020 بأكثر من 16 مليار درهم. ورغم أن فرنسا هي الأولى وإسبانيا هي الثانية فإن التشويش على المغرب تتزعمه دول أوربية فهل هذا يعني “يأكلون الغلة ويسبون الملة” كما يقول المثل المغربي. وبالمناسبة نحيي العلاقة المتطور بين المغرب ودولة الإمارات التي بذلت مجهودا كبيرا على مستوى القنصلية الإماراتية بمناطقنا الجنوبية. كم ارتقت العلاقات الاقتصادية إلى درجة أعلى. كل هذا يزرع في نفوس البعض الحسد والبغضاء ولكن القافلة تسير.
يجب أن يعلم الجميع أن المغرب ذو سيادة ضاربة في جذور التاريخ، ومتنوعة، ويشكل قوة إقليمية، وله إطار مهم اصطلح عليه بالنموذج التنموي، ووضع استراتيجية تتوق إلى مغرب آخر خلال سنة 2035.ولن يتم هذا إلا بالثقة في النفس، وإعطاء الفرص لكل الطاقات. إّن مغرب التنمية ماض أحب من أحب وكره من كره. مغرب يتميز بأنه بوابة لإفريقيا. مغرب يستهدف إرادات يقدر ب 1.7 مليار دولار من المعادن فقط إلى غاية 2030. مغرب الطاقات المتجددة، مغرب قارب ومازال جائحة كورونا برؤية علمية ومهنية واستباقية بقيادة جلالة الملك، وصداها مدوي قاريا وعالميا. مغرب الصناعة التقليدية المتنوعة وذات دلالات جوهرية. مغرب التوجه الإفريقي، والانفتاح العالمي، ودبلوماسية الطموح والوضوح، مغرب الحماية الاجتماعية المستقبلية والإقلاع الاقتصادي شريطة الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة. مغرب واعتراف أمريكا بمغربية الصحراء والسيادة على كل أراضيه. مغرب تقدم كثيرا في مواجهة الإرهاب والتعاون مع الجميع من أجل محاربته. مغرب العلاقات المتميزة مع الصين الشعبية خاصة في مجال مواجهة كورونا. وقد حدد جلالة الملك في خطاب العرش المجيد خريطة طريق التي من الواجب أن ينهجها المغرب رغم التحديات التي يواجهها، والتي نوجز أهم معالمها فيما يلي:
لابد من الشعور الوطني بأننا نعتز بهذا البلد الكريم الذي بني منذ قرون على التلاحم بين الملكية والشعب عن طريق البيعة الدينية، وإمارة المومنين والوسطية والاعتدال. وهذا هو سر القوة والوحدة والأمن والاستقرار. وبذلك يجب أن نكون صوتا واحد تحت القيادة السامية لمواجهة جائحة كورونا. كما أبرزنا في بدايتها. وأن نعمل سويا على تنمية مؤشرات الاقتصاد الوطني رغم انعكاسات الوباء. فهل نحن قادرون على استعادة قدراتنا الكاملة؟ هل وجود إطار للنموذج التنموي الجديد والسياسات العمومية التي ستنبثق منه قمين بالرفع من الإقلاع الاقتصادي، وتوطيد المشروع المجتمعي الذي رسم معالمه جلالة الملك؟ وهذا نداء وطني عميق للمسؤولين الحكوميين والعموميين خلال المستقبل؟
كل هذا سيعزز الأمن والاستقرار بالبلاد داخليا وخارجيا، وخص جلالة الملك بالذكر إفريقيا وأوربا، والفضاء المتوسطي، والمغاربي خاصة الشقيقة الجزائر. إذن بعد الكلمات الثمينات التي خاطب بها جلالة الملك الجارة الجزائر هل سيلتقط النظام الجزائري الإشارات السياسية والأخلاقية، إذن متى سنكون في مستوى المسؤولية الجماعية للجميع أمام الله والتاريخ ومواطني البلديين. يقول جلالته” فالمغرب والجزائر أكثر من دولتين جارتين، إنهما توأمان متكاملان”.
إن خريطة الطريق هذه ستجعل العيش المشترك هو المبدأ الذي يجمعنا في إطار شراكات رابح رابح، مركزين على التضامن والتعاون. وهذا يتطلب نضجا فكريا كبيرا ومستوى سياسيا عاليا ومقاما أخلاقيا راقيا.
تعليقات
0