مقاطعةآنفا: حي العنق ليس كحي لهجاجمة…

لينا بريس

حسن زكي

محاولة تبني مشروع تم إنجازه بحي العنق، قبيل الانتخابات، من طرف الأحزاب المتحالفة على تسيير المقاطعة الجماعية آنفا، تدعو كل عاقل متتبع للشأن الجماعي، إلى محاولة فهم هذا المشروع المذكور.

فالمشروع عبارة عن ارتفاق يشق حي العنق من حي المنار المجاور جنوبا إلى غاية شارع محمد بن عبد الله و الشاطىء شمالا.

بحيث لما سارع بعضهم إلى أخذ الصور و التواجد أثناء عمليات التجهيز و الورشات أمام ساكنة الحي، سارع البعض الآخر إلى التوضيح و التحسيس للساكنة و للمجتمع المدني، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على أن صاحب المشروع هو مجلس المدينة و ليس مجلس المقاطعة!!. و كأن المقاطعة ليست جزءا من جماعة الدار البيضاء (مدينة الدار البيضاء) و كذلك كأن المدينة ليست هي مجموع مقاطعات الدار البيضاء و شركاتها في التنمية المحلية.

فبغظ النظر عن أن صاحب المشروع الحقيقي هو المواطن كدافع ضرائب جماعية و جبايات، و من دون الدخول في أية اعتبارات سياسية، و من دون الدخول في اعتبارات منوطة بشركات التنمية المحلية (Casa Aménagement ) التي أنيط بها استبدال مفهوم الديمقراطية بمفهوم الحكامة بمدينة الدار البيضاء، فهل يخدم بالفعل هذا المشروع حي العنق من الناحية العمرانية ؟؟!!

بما أن الإرتفاق أو الطريق التي تشق المجمع السكني العنق، لم يتم إنجازها إلا بعدما تم إنجاز المدار (rond point) بشارع محمد بن عبد الله شمالا (أنظر الصورة 1 قبل إنجاز الطريق)، و بما أن هذا المدار تم وضعه بالضبط مقابلا لزنقة بن بوشتى جنوب حي العنق، لتأتي بعد ذلك الطريق أو الإرتفاق و تربط بين ڤيلات حي المنار و المدار شمالا، فهذا لا يمكن أن يعني إلا أن الطريق أو الإرتفاق كان قد تم التخطيط له من قبل، من طرف شركة التهيئة (Casa Aménagement ) و ليس من طرف الحزبين المتحالفين على تسيير مقاطعة آنفا، بحكم أن المدار تم إنجازه عدة سنوات من قبل.

حيث أنه بطريقة هندسية جد دقيقة، و بتقنية تهييء طرقات و ارتفاقات كما يحدث بالتجزئات العقارية، تم تخطيط و هندسة الإرتفاق المذكور بالضبط و ليس بالصدفة، كامتداد (extension) لزنقة بن بوشتى بحي المنار، لتشق هذه الزنقة حي العنق و ترتبط بالمدار المنجز من ذي قبل بشارع محمد بن عبد الله، و كأن حي العنق لم يعد مجمعا سكنيا مغلقا أو شبه مغلق.

فهل أصبح الحي السكني للعنق، مجالا نعمل على تنطيقه من جديد (nouveau zonage) و تهييئ شبكة جديدة لطرقاته (voies d’aménagement ) ؟، كما يحدث في التجزئة العقارية.

و هل تقسيم حي العنق إلى أربعة أجزاء يوحي أننا بصدد تجزئة جديدة من أربعة أجزاء حسب قانون التجزئات بالمملكة (quatre tranches) و أن حي العنق لم يعد حيا متكاملا و مندمجا عمرانيا حسب تصميمه الأصلي المصادق عليه (plan NE VARIETUR) كما يجب الحفاظ عليه كتراث معماري؟!.

فقد يكفي تزفيت هذه الطريق لتصبح مستقبلا طريقا للسيارات و الدراجات بحكم أنه يربط بالضبط زنقة بن بوشتى جنوبا بمدار شارع محمد بن عبد الله شمالا.

ما يعني أن بنات و أبناء العنق يتنزهون مؤقتا بشبه طريق سيارات تربط بين زنقة بن بوشتى و بين مدار شارع محمد بن عبدالله؟ علما أن مستوى ارتفاع (niveau) الطريق المذكورة ، هو بالضبط مستوى الطريق العام و ليس بعلو الرصيف الذي يفصل الحي المفروض فيه أنه مغلق عن باقي الطريق العمومية.

الأكثر من هذا، هو أن الطريق المنجزة، لا تُسْتَعْمَلُ حاليا كطريق راجلين بالتساوي بين كل ساكنة حي العنق بحكم التباعد (éparpillement) الكبير بين عماراته، و ذلك له طبعا علاقة بالتاريخ المعماري للحي.

ناهيك عن أن الطريق أو الإرتفاق المذكور، يمر بجانب سكنيات ضعيفة الكثافة، بحكم المساحة الكبيرة التي شيدت عليها عمارات الحي، ما سيجعلها تتناقض مع هندسته، إذا ما وقع اكتضاض بهذة الطريق المنجزة و هو ما لن يقع لأنها شيدت بطريقة غير متساوية بين عمارات العنق. ما يطرح أكثر من استفهام عن سبب وجودها.

و حتى لو افترضنا أن الارتفاق المذكور يحمل من الجمالية أو من الترفيه، فهو غير موزع بالتساوي.
أولا، لأنها فقط جمالية طريق أو ارتفاق، ثم لأن الطريق المذكورة تمر بجانب فقط خمس مساحة حي العنق و بجانب ربع عماراته فقط.

ما يعني أن الطريق المفتوحة عملت على أن يصبح حي العنق حيا سكنيا مفتوحا عِوَض أن يبقى حيا مغلقا أو شبه مغلق كما شيد حسب تصميمه الأصلي.

و هو كذلك ما يعني أن الطريق المنجزة عملت أكثر على تثمين و إعطاء القيمة للوعاء العقاري أكثر منه على تثمين و إعطاء القيمة لكافة سكنيات أو شقق حي العنق التاريخي.

فهل سيستمر الحزبين المتحالفين بمقاطعة أنفا، على تبني هذا الطريق أو الزنقة المفتوحة و سط الحي، أم سيتركون شركة التنمية المحلية (Casa Aménagement ) تتبناها و تتحمل مسؤولياتها في ذلك ؟؟

و كيف يمكن تصنيف هذا الارتفاق ؟
هل كمنتزه ؟ أو طريق للدراجات و السيارات ؟ أو زنقة للمشاة (rue piétonne ) ؟ أو لممارسة الرياضات أو كلها ؟

لأنها إذا أصبحت طريقا للدراجات و السيارات، فستفقده تماما تراثه المعماري، و إلا ما هاذا الشيء أو المفهوم المعماري الجديد.

فالطريق المنجزة ستتسبب لا محالة في الضوضاء و كثرة الحركة واستعمال الدراجات و الدراجات النارية بها و بذلك بجانب و وسط العمارات السكنية المحادية بحكم مروره قريبا جدا من سكنيات العمارات المجاورة لهذه الطريق التي تم شقها و سط مجمع سكني شبه مغلق و كأن العمارات بجانب الطريق مآلها السقوط.

ناهيك على أن مجلس المدينة هيأ 15 هكتارا على شاطىء البحر مقابلة لأحياء العنق و بوركون لأجل الترفيه و الفسحة و المشي و حتى ممارسة الرياضات .

ألم يكن من الأجدى أن يبقى حي العنق مجمعا سكنيا شبه مغلق و يتم توزيع ميزانية هذا الارتفاق بالتساوي على كل أجزائه شريطة أن تبقى مرتبطة بالمجالات الخضراء داخل المجمع السكني ؟؟ كما أن ذلك كان سيعطي جمالية كبيرة و شاملة من السماء، للشقق عِوَض أن يعطي قيمةً للعقار المتواجد عليه عمارات حي العنق.

ألم تنادي الأحزاب السياسية ذات الأغلبية حاليا بأن حي العنق يعتبر تراثا معماريا يجب الحفاظ عليه و عدم إحداث أية أشغال تهيئة أو تجهيزات كبرى كشق الطرقات، من شأنها تغيير معالمه و إثارة أطماع المنعشين العقاريين به.

أليست في نفس الوقت هذه الأحزاب هي من ترخص ببنايات لا تتناسق مع التراث المعماري (أنظر الصورة 2) لهذا الحي.

وًكذلك هي من ترخص بشق الطرقات داخل المجمع السكني لحي العنق لمنح ارتفاقات للمشاريع الجديدة المحادية على حساب الوعاء العقاري لحي العنق.

أصبح حي العنق اليوم و كأنه تجزئة نعمل على تهييء ارتفقاته و شق طرقاته لتصبح فيما بعد تجزئة عقارية . نتمنى أن لا علاقة لذلك بتأخير التفاوض حول مبادلة العقار الذي يتواجد عليه حي القوات المساعدة و ساكنته.

يذكرنا ذلك بشق الطرقات التي تحصل دائما قبل ترحيل أحياء الصفيح و لنا أمثلة في ذلك بحي الهجاجمة و درب الجديد .

السؤال الأهم و ما كان يجب أن تقف عليه أحزاب الأغلبية التي انتخبها حي العنق هو كالتالي:
هل لهذه المشاريع أولوية لدى ساكنة العنق؟. هل هذا ما يحتاجه فعلا حي العنق؟ هل يستحق حي العنق أن يعامل معاملة الأحياء الصفيحية أو الأحياء ذات السكن العشوائي ؟

أم أن لحي العنق تاريخ و تراث و موقع كان من الأجدى استغلاله و استثماره لأجل تنميته بمنهجية صحيحة ليتبوء مكانته الحقيقية و أكثر و يصبح بذلك أحسن مكان في العالم.

لأنه حي ذو خصوصيات عالمية فريدة و موقع رائع على البحر و مساحات كبيرة ناهيك عن هندسته و تراثه حيث ساهم عبر هندسته و بعده من مركز البيضاء في فترات الحجر التي كانت تسبق ترحيل اليهود إلى إسرائيل و أن يواكب التطور في جميع الأحياء عِوَض أن يتحول من حي شعبي إلى حي فقير أو هش لا دور مجتمعي له سوى أنه خزان للأصوات.

لن تفيد المساعدات الرمضانية و لا إعادة تنشئة مواطنيه كزبناء ل centrale laitière ببضع دانونات أو بضعة ليترات حليب على بضعة أيام من انتهاء صلاحيتها، بعد مقاطعتهم لها، لن تفيد جعل أبناء و بنات حي العنق يتناسون حقوقهم الأساسية في التنمية.

يجب العمل على الحيلولة دون أن يتحول حي العنق إلى حي فقير و جعله يتحول عِوَض ذلك إلى حي شعبي.

يجب منعه حالا من الإنحدار إلى الحي الفقير بمحاربة الهشاشة الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية به، حتى لا يصبح حيا واعد للمنعشين العقاريين فقط.

على سبيل المثال لا الحصر، تشييد سوق نموذجي للتكنولوجيا الحديثة من أربع أو خمسة طوابق أو حتى عشرة تبيع الخدمات و المنتوجات على غرار سوق الجوطية بدرب غلف، كان سيعطي دينامية و حيوية و شعبية أكثر للعنق عِوَض التنزه بداخلة و بخارجه و كأن أبناء العنق ليس لهم هم سوى التنزه.

تُرى، كيف ستسوق أحزاب الأغلبية المتحالفة بآنفا، تبنيها لمشروع الإرتفاق المذكور ، قبيل انتخابات 2021، خصوصا و أن الإرتفاق يعطي أهمية للوعاء العقاري للعنق أكثر منه للشقق العريقة لقرية العنق.

أم أن هذه الأحزاب ستوهم الساكنة أنها ستعمل على تمليكهم للشقق المكتراة أو بحوزتهم بعدما أعطت القيمة المادية للوعاء العقاري عِوَض إعطاء القيمة للشقق ذات القيمة العمرانية اللامادية، باعتبار حي العنق تراثا معماريا قد يكون عالميا.

تابعوا آخر الأخبار من لينابريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من لينابريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من لينابريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الأحد 22 ديسمبر 2024 - 13:14

شفيق بنكيران:المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة فرصة لتبادل الخبرات والتفكير في حلول مبتكرة لمواجهة التحديات الترابية.

الأحد 22 ديسمبر 2024 - 11:57

مغرب الحضارةالجهوية خيار استراتيجي للمملكة لكن لن تكون متقدمة إلا بنخبها…

الأحد 22 ديسمبر 2024 - 11:40

سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء

الأحد 22 ديسمبر 2024 - 00:20

المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة.. الرسالة الملكية تؤكد الاهتمام البالغ الذي يوليه جلالة الملك لإنجاح التنمية الجهوية (السيد لفتيت)