-بقلم:عزيز لعويسي
ارتفاع مقلق في درجة الحرارة في جميع جهات المملكة على بعد أقل من ثلاثة أيام من إسدال الستار عن الحملة الانتخابية، مستويات قياسية غير مسبوقة من الحرارة في جميع المدن خاصة في المدن الكبرى كالدار البيضاء ومراكش والرباط سلا وفاس وطنجة وأكادير، وقد امتدت موجات الحر إلى القرى والدواوير المعزولة بين الجبال، التي تكيفت طيلة عقود من الزمن مع مناخ الإقصاء القارس، رياح شرقية وغربية وشمالية وصحراوية، فرضت على المرشحين المرور إلى السرعة القصوى سعيا وراء كسب ود المزيد من الناخبين، وسط مجالات حضرية وقروية تشابكت فيها الرموز والوعود والأحلام المزيفة، ضغط جوي مرتفع حول المدن الكبرى وحول السواحل، مقابل ضغط جوي منخفض يرخي بضلاله على المناطق الداخلية والقرى البئيسة.
موجات بحرية قوية أقرب إلى تسونامي ، تحركت معها المدفعيات الثقيلة لقصف الخصوم للحـد من تقدمهم ومناوراتهم في ظروف مناخية صعبة، قوت من جرعات التوتــر والتصعيد والتوجس بين المرشحين المتنافسين، حضرت أجواءها في عدد من الدوائر الانتخابية التي تصادمت فيها القوافل مدفوعة برياح البلطجة الساخنة، ورفعت من منسوب اليأس والتمرد وسط فئات عريضة من الناخبين، الذين تصدوا للكثير من القوافل الانتخابية وتمردوا فيها على عدد من الوجــوه الانتخابية، رافعيـن في وجهها شعـار “ارحل”.. سيارات رباعية الدفع هنا، ودرجات هوائية هناك .. تمر وحليب هنا وعناق حار ووعود كاذبة هناك .. وسائل كثير ة وطرق تواصلية جمعت بين التهكم والمكر والنفاق، تتوحد جميعها في استمالة الأصوات التي تعبد طرق الريع..
الحمامة تحلق في صمت والمصباح يتربص بها في الأجــواء العليا بدون حرج أو حيـاء .. الجرار يبحث عن المزيد من الركاب وعقارب الميزان تحاول التحرك إلى أقصى حد ممكن رغم قوة رياح الشركي .. الوردة تقف بأناقة باحثة عن العشاق والحالمين بالمجد الاتحادي ، والكتاب مفتوح ينتظر من يقرأ في ظل مناخ غاب فيه القـراء، والشمعة تحاول أن تحافظ على ضوئها على الرغم من اضطراب الأجواء، والحصان الوديـع جاهــز وينتظر من يستجيب .. رموز بالجملة باتت كأوراق الخريف، تحاول ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، الصمود وعدم السقـوط في مناخ سياسي لايرحم وضغط جوي انتخابي مرتفع لايقبل بالصغار والبسطاء ومنشطي الحفل وأرانب السباق.
خبراء المناخ السياسي يتوقعون أن يسجل المحرار أعلى مستويات له قبيل نهاية صيف الحملة الانتخابية، كما يتوقعـون أن ترتفع زوابع اللغط وريـاح الهستيريا، بكل ما لذلك من أضرار على البيئة وعلى عمال النظافة الذيــن يعانون في صمت في كل موسم انتخابي، ويفسـرون هذه التغيرات المناخية الغير مسبوقة، بما تعرفه الجيولوجيا السياسية من تحولات عميقة، كان لها تأثيرا واضحا على السطح، فبرزت أشكال تضاريسية جذابة، تستهوي عشاق رياضة التسلق والمغامرة والعبث، وينصحون بالحد من انبعاثات الغـازات السامة، عبر ربط المسؤولية بالمحاسبة والتصدي للفاسدين والعابثين وتفعيل آليات عدم الإفــلات من العقاب.
من جهتهم، يدق خبراء “الأرصاد الجوية السياسية ” ناقوس الخطر، محذرين من أن المناخ السياسي والانتخابي السائد، من شأنه التأثيـر السلبي على البلاد والعباد، والرفع من منسوب اليـأس وفقدان الثقة في الأحزاب السياسية والانتخابات والحكومات والمؤسسات، ويقوي الإحساس في أوساط عدد من المواطنين، أن حليمة ستظل على عادتها القديمة، وأن حلم التطلع إلى مناخ ثابت ومعتدل ومستقر، يبـدو أقرب إلى المحــال، ولا مجال حسب تصورهم ، للحد من هذه الظواهر المناخية المقلقة، إلا بضبط إيقاع الممارسة الحزبية والسياسية، واستعجال بناء مصدات وحواجـز للحد من زحـف رمال العبث والفسـاد، والتفكيــر في حلول بديلة وناجعة من شأنها الحد من تأثيــرات ريـاح الريــع التي حولت أراضي السياسة إلى أراض تعيش تحت رحمة صناع العبث السياسي، وبـدورهم، يلحون على ضـرورة التفعيل الأمثل لمبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة” وتفعيل آليات “عدم الإفـلات من العقاب”، والرهان على دولة الحق والقانون والمؤسسات والمساواة والعدالة الاجتماعية، وتحريك قطار التنمية في اتجاه المغرب المنسي، وهي تدخلات من ضمن أخرى، تكفي حسب تقديرهم، لتطهير المناخ وإعادة الحياة للبيئة والإنسان والمجال.
تعليقات
0