بقلم: سليمان العلوي
منذ ظهر فيروس كورونا والعالم يشهد اضطرابات في أوضاعه وأحواله، فقد قوض هذا الضيف، الغير مرحب به، جل الأنماط الاعتيادية لحياة الإنسان، وجعل الأسئلة الوجودية تنبعث من خفائها، فبعد أن اعتقد الإنسان أنه بسط سطوته و هيمنته على عالمه، مثلما اعتقد في أزمنة ماضية، فوجئ بهشاشته أمام قوة الطبيعة التي طالما أيقن أنه ظفر بولائها، فتعلن أنها لا تزال تملك أسرارها الخاصة، وأنها تفرض نظامها، وذلك بَيّن من خلال الإشارات التي تصدرها بين الفينة والأخرى والتي كان آخرها فيروس كورونا المستجد. لكن الإنسان يأبى أن يهدَّد كيانه أو يقوض وجوده قبل أن يستنفذ وسائل مقاومته. ردة فعله كانت هي إنتاج لقاح مقاوم للفيروس، وهو الوسيلة الوحيدة المتاحة اليوم لمجابهة ومقاومة تهديد الفيروس. وبمناسبة ذلك اتخذت الحكومات مجموعة إجراءات لتحفيز أو دفع الأفراد لتلقي الجرعات الخاصة به. و حِرْصُ حكومتنا على التعاطي الجاد والحازم مع هذا الإجراء، دفعنا، نحن المزعجون، إلى المطالبة بمزيد من الجرعات من لقاحات أخرى نحن أحوج إليها من غيرها، فقد حسبنا أن حكومتنا تعدها لنا منذ زمن، لكن انتظارنا طال، وأوضاعنا أصبحت أكثر هشاشة، وقد نفقد مناعة وقدرة التحمل، وقد كررنا التعبير عن حاجياتنا المستعجلة أكثر من مرة، وطالبنا بلقاحات ناجعة ومناسبة. حدث ذلك بعد أن شخصنا علاتنا و وضعناها في حضرتهم مع أنهم يعلمون كل شيء عن أحوالنا. أخبرناهم أن مدارستا تحتاج لقاح الجودة والعمومية والمجانية، لكي يتسنى لأبنائنا أن يخرجوا إلى العالم مجندين بكفاءاتهم وقدراتهم، وهم المحتجزون اليوم في واقع تعليمي لا يتيح لهم إلا اليسير من الفرص، وقد أخبرناهم كذلك بأن العطب قد استفحل بمستشفياتنا، فأصبحت بحاجة إلى جرعة معززة من الأطر والمعدات و البنيات، بل هي بحاجة إلى إصلاح جذري يحترم أحقية هذا الشعب في العلاج المجاني و الجيد، فقد أضحت كل جهود وموارد المواطنين مخصصة لمداواة علاتهم وأعطابهم. ثم أخبرناهم أننا لن نقوى على مجابهة كل متطلبات الحياة، ففقرنا استقوى علينا، وعجزنا عن كل شيء سوى أن نكون فقراء، وأننا على مشارف ما دون ما نحن فيه، لذلك حاجتنا إلى لقاح عاجل أقوى من أية حاجة أخرى. و إذا لم يكن التدخل عاجلا و حازما كما نأمل، فإن أحوالنا لن تقوى على تحملنا، وهي المزرية في أصلها. لذلك فنحن ننتظر أن يمدونا بما يمكن أن يعزز مناعتنا، لكي نقاوم هذا العدو الباطش. وفوق كل ذلك، نحن بحاجة ملحة إلى ما يجعل منا مواطنين بالمعنى الأصيل للكلمة، أي أننا نريد أن نكون في جلباب فصيلتنا ونوعنا، أي نريد أن نكون بشرا. ولن نكون كذلك إلا إن حظينا بكرامتنا وحرياتنا وحقوقنا. أخبرناهم بذلك ليعلموا أن فيروساتنا متعددة وشديدة البأس، وأنها تحتاج إلى الحزم و المسؤولية والنجاعة التي هي نفسها الشروط التي وضعت لمقاومة و محاربة فيروس كورونا. لذلك، فنحن ننتظر أن يلزمونا بما يمكن أن يحقق لنا ذلك، وسننخرط معهم فيه بكل ما نستطيع، ولن نرفض إجراءاتهم، بل سنكون سعداء بها.
و إذا كانوا منزعجين من تقصيرنا و عدم تقديرنا لجهودهم في التصدي لفيروس كورونا، أو حتى جهلنا بخطورته، فإننا نخبرهم أن التخبط والتقصير الذي لحق تدبيرهم لمصالحنا وحاحياتنا الأخرى هو الذي جعلنا نرتاب من كل إجراء يصدر عنهم، ثم أن أعطابنا الأخرى تقف ما دون إهتمامنا وتفاعلنا مع غيرها.
تعليقات
0