متدخلون في برنامج جيل : الازدواجية غالية التكاليف ودعوة لاستثمار قيم التسامح الوطنية

لينا بريس

سجلماسةبريس

“ينبغي الحسم في أي مجتمع نريد حتى لا نكون أمام ازدواجية غالية التكاليف مع ضروة استثمار عناصر الثقافة الوطنية كالتحرر وقيم التسامح في المشروع المجتمعي”، تلك كانت إحدى الخلاصات الأساسية للدورة التكوينية الثانية لبرنامج جيل في نسخته الثانية الذي نظمته مؤسسة منصات نهاية الأسبوع الجاري بمدينة المحمدية تحت عنوان “التحولات الاجتماعية والحريات الفردية: أية قوانين لأي مجتمع؟”. الدورة التي تحمل هذه السنة اسم فيلسوف الحداثة المغربي محمد سبيلا، عرفت مشاركة عدد من الأكاديميين ورواد المجتمع المدني والسياسي وجرت أشغالها ما بين 25 و 27فبراير بالمحمدية.

محسن الرحوتي : حان الوقت للحسم مع “التبريرية”
في اليوم الأول من الدورة أشار محسن محمد الرحوتي، أستاذ علم الاجتماع بفاس، إلى أن البحث الذي قامت به منصات حول الحريات الفردية بالمغرب التزام سوسيولوجي وذلك من خلال مواكبته للمجتمع من خلال تمثلاته وتحولاته، حيث أفرزت الدراسة الميدانية معطيات غنية تحتاج إلى التامل والتدبر مشددا على أهمية الحريات الفردية في بناء المجتمع القيمي والأخلاقي، لأن منسوب تقدم الجتمعات مرتبط باحترام الحريات وحقوق الإنسان.
وأضاف المتدخل أن استقلالية الفرد عن إكراهات لجماعة، التقاليد، والدين تقتضي تحوله إلى ذات فاعلة، وتعني أنه يعيش في سياق لا يكبح خيارته وتحقيق ذاته.و أشار الرحوتي في ذات السياق إلى أن المجتمع المغربي يعرف تركيبة اجتماعية معقدة، تاكدت من خلال دراسات كثيرة ومن بينها بحث منصات وأثار بعضا من نتائج البحث الميداني لمنصات، حيث 61% من العينة المبحوثة مع تغطية الجسد الأنثوي في الفضاء العام وتبرر ذلك بالتعاليم الدينية. كما أن 38% أشاروا أنهم مع ارتداء الحجاب ويبررون ذلك بمحاربة التحرش، وهذا يثير سطوة الجماعة والمقدسات الدينية على الجسد في الفضاء العام.
وتوقف المتدخل عند نوع من التبريرية السائدة حيث اعتبر أننا أمام مجتمع بعالمين اجتماعيين، عالم في الظل وعالم في النور، وهذا يعكس تخبط المجتمع والفرد في اختياراته المجتمعية، إذ ينبغي الحسم في أي مجتمع نريد حتى لا نكون أمام هذه الإزداوجية مع ضرورة استثمار عناصر الثقافة الوطنية كالتحرر وقيم التسامح في مشروع الحداثة، لكن ينبغي الحديث عن هذه العناصر بحذر.

شكري : المجتمع الحديث يوفر تحرر الفرد من الروابط والإكراهات التقليدية
وفي مداخلة بعنوان “المشروع الحداثي في فكر سبيلا: من قوة المؤسسة إلى حرية الفرد”، تناول محمد شكري سلام، أستاذ علم الاجتماع بفاس، مفهوم الحداثة من خلال أبعاده التاريخية والفلسفية والاقتصادية. وأشار إلى انتقال المشاريع الفكرية من التحديث إلى مسائل تقنية كاللباس والاقتصاد والذي أصبح يختزل في الحداثوية.
ويمكن تقسيم الحداثات إلى حداثة تقنية وحداثة سياسية وفكرية، فالأخيرة هي الروح لكل الحداثات حسب تعبير محمد سبيلا، فالتحول بالنسبة له ينتقل بهدوء من التفكير حول الصراع “الجيو استراتيجي” إلى مسألة الترجمة باعتبارها حيلة فكرية وحياتية كبرى للانحياز عن سطوة الأيدولوجيا، وقد أفصح عن هذا الانتقال حينما تحدث عن التحديث.
وفي تقديمه للمشروع الفكري لسبيلا، قال محمد شكري أن محمد سبيلا انتقل من الرهان على المءسسة إلى الرهان على الفرد ، وأشار إلى ذلك في محاضرة سنة 2015، إذ حاول أن يوطد الحداثة باعتبارها في النهاية بنت اللبيرالية السياسية. وتوقف المتدخل عند مقطع للراحل محمد سبيلا “المجتمع الحديث يوفر تحرر الفرد من الروابط والإكراهات التقليدية، ويطرح أمامه طيفا من أكبر الاختيارات …. إلا أن السمة الأساسية الغالبة لدينامية الحداثة هي توفير شروط استقلالية للفرد ولوعيه بذاته ولتمتعه بقسط من راحة الاختيار”.
وفي الأخير قال المتدخل أن الأساسي في عمل ومشروع محمد سبيلا هو أنه لا يفكر بصلابة بل يفكر بسيولة، إذ أن المفكر سبيلا لولا قهر الحياة لفكر اليوم المواضيع الحالية لكونه ذو نظرة استباقية في مواضيع ذات صلة بالحداثة، إذ هاجر شيخوخة الفكر في السبعينات إلى تجدد الشباب.

الرباح : الحريات الفردية عالقة والحل تعديل شامل للقانون الجنائي
وقالت خديحة الرباح العضو المؤسس للجمعية الديمقراطية لنساء المغرب في مداخلة بعنوان “الحريات الفردية بين المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية”، إن الحديث عن الحريات الفردية بالمغرب يقودنا إلى الحديث عن النموذج التنموي الجديد؛ هذا الأخير وضع الحريات الفردية كملحق للتقرير العام، إذ أشار إلى صعوبة النقاش في مواضيع الحريات الفردية باعتبارها قضايا تنشط البؤر البنيوية للفساد، كما عرجت على أن البرنامج الحكومي الجديد 2021-2026 يعتبر الحقوق والحريات ومواضيع الديمقراطية أنها تحتاج إلى روح جديدة وتناسق وتلقائية، وبالتالي نكون أمام إعادة الهيكلة من جديد وليس استكمال ما تم بناءه.
وفي سياق آخر، أكدت المتدخلة على أن القانون الدولي ينص على الحريات الفردية من خلال مجموعة من المواثيق، إذ برزت في كل الصكوك كالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان…، كما الصكوك الإقليمية كالميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وغيرها ؛ هذا وقد أكد الدستور المغربي 2011 على حقوق الإنسان والحريات الفردية بصفة خاصة من خلال مجموعة من النصوص خاصة الباب الثاني من الدستور، لكن هذه الحريات لا زالت عالقة في بين التوجه المحافظ والتوجه الحداثي.
ولاحظت الرباح من جهة أخرى، أن موضوعات الحريات الفردية يتم حصرها في العلاقات الجنسية خارج الزواج، الإفطار العلني، والدين والمعتقد ، في حين انها أشمل من ذلك. وهذا ما يستدعي تعديلا شاملا للقانون الجنائي، إذ أن بعض المنظمات غير الحكومية كربيع الكرامة نادت بمراجعة القانون الجنائي، ويعد مدخل استقلال السلطة التشريعية مدخلا مهما من أجل التعديل التشريعي للقواعد القانونية ذات الصلة بقوانين الحريات الفردية.

بنشقرون: تكييف القوانين أساسي لتكريس هذه الحريات
أكد البرلماني السابق، جمال كريمي بنشقرون في مداخلة تحت عنوان “الحريات الفردية بالمغرب على ضوء العمل البرلماني بين التشريع والممارسة”، على أن نهضة الأمم لا يمكن أن تكون إلا بإصلاح المجتمع نحو مجتمع منفتح ومتحول، عبر تصحيح الأخطاء وتجاوز العقبات، هذا المدخل أساسي لتحقيق الازدهار ولن يتأتى إلا عبر حرية فكر وقانون يحترم الحريات.
وانطلق المتدخل من أن التأطير من داخل المنزل أساسي وضروري من أجل تكريس قيم الحريات الفردية، إذ أن الأسر المغربية يهيمن عليها المقتضى الذكوري، وهذا يؤثر على مطلب الحريات الفردية، خاصة مع وجود ظواهر مجتمعية جديدة تتراجع فيها الحقوق والحريات، إذ أن المغرب في سنوات السبعينيات كان يعيش على وقع مجتمع أكثر انفتاحا، لكن هذه المكاسب تم التراجع عليها من خلال تربية الأجيال الجديدة.
وأبرز بنشقرون أن الرأي الذي يدافع عن العقلانية هو الذي يتم محاربته حاليا، خاصة وأن تجربته داخل قبة البرلمان شهدت سجالات سياسية بين الفرقاء السياسيين حول الحريات الفردية، بين مؤيدين ومحافظين. ويرى المتدخل أنه من اللازم تكييف القوانين إذ أن هذا المدخل أساسي لتكريس هذه الحريات، خاصة وأن مجموعة من الموضوعات ذات الصلة بهذا الموضوع تطرح نفسها داخل البرلمان، حيث أنه فيما يخص الإجهاض مثلا يعرف المغرب 800 حالة يومياـ وهو الامر الذي يستلزم التفكير في حلول واقعية لمثل هذه المواضيع خاصة حالات زنا المحارم وحالة خطورة الحمل على المرأة، كما أكد على ضرروة التعديل الشامل للقانون الجنائي.

تابعوا آخر الأخبار من لينابريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من لينابريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من لينابريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الجمعة 10 يناير 2025 - 08:16

رئيسة جماعة سيدي بنور تعلن كراء السوق الأسبوعي لسيدي بنور بجميع مرافقه

الخميس 9 يناير 2025 - 22:49

نقابة الميلودي المخارقU.M.T بقطاع العدل: الافتتاح بتأسيس أول فرع لها بالدائرة القضائية تطوان، رسالة لمن يهم الأمر!!!!

الخميس 9 يناير 2025 - 22:07

رابطة كاتبات المغرب :غانا ضيف شرف ندوة الداخلة :التوجه نحو افريقيا ،ابعاد الشراكة المغربية الافريقية

الخميس 9 يناير 2025 - 20:56

افتتاح مقر جديد لجماعة بوسكورة