خليفة بوطيب
باحث في تاريخ الجنوب المغربي
لينابريس
مازال المجال الواحي يثير اهتمام الباحثين حول التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لإانسان ومجتمعات واحات الجنوب المغربي، التي ساهمت في بلوره تاريخ المغرب منذ القدم.
وتأتي واحات زيز وغريس بمنطقه تافيلالت ضمن هذا الإطار، حيث صدر مؤخرا كتاب جماعي من تأليف مجموعه من الباحثين، حاولوا إماطه اللثام عن قضايا مرتبطة بالمجال والانسان والمجتمع لهاته الواحات… فكان هذا الاصدار الأنيق الذي قام بتنسيق أعماله الدكتوران الصديق الصادقي العماري ورشيد زعفران، وبتمحيص ومتابعه من لجنه علميه مكونة من تسع خبراء باحثين.
الكتاب إذن شارك في كتابة مواضيعه ثلة من الباحثين وطلبه في سلك الدكتوراه، الذي اختير له عنوان ” واحا ت زيز وغريس المجال والانسان والمجتمع “. وهو كتاب من 184 صفحه قسمه أصحابه الى ثلاثه أقسام ، اشتمل القسم الأول على تاريخ ومجتمع زيز وغريس من خلال تناول حالة قبائل أيت يافلمان، وذكر جوانب من التراث الكولونيالي بالمنطقه. وهما محاولتان لسبر أغوار تشكيل قبلي مهم استوطن الجنوب الشرقي المغربي، وساهم في بلوره أحداث هامة، وكذا النبش في التراث المادي المرتبط بالفترة الاستعمارية والذي تزخربه مناطق الجنوب الشرقي المغربي أو أسامر حسب التعبير الأمازيغي للمنطقة….
أما القسم الثاني من هذا الإصدارفقد تناول كل ما له علاقه بالتراث والثقافه والتنميه بمناطق زيزوغريس. حيث تم التطرق إلى الأشكال الثقافيه الفرجويه الشعبيه الكناويه بواحات زيز كنموذج، وكذا النبش في الفن الصخري بتافيلالت باعتباره تراثا ثقافيا عريقا يواجه تحديات المحافظه عليه من الاندثار والهشاشه.
وباعتبار مجال زيز وغريس مجال اجتماعي عرف تواجد العنصرالأمازيغي والعربي أدى إلى تلاقح ثقافي ولغوي، فلا شك أن تناول تاثير اللكنة الأمازيغيه على متعلم اللغه العربيه بمنطقه غريس العلوي كعيينه للدراسه، قد ساهم كموضوع يفرض نفسه في إثاره مجموعه من الإشكالات المرتبطه باللغه الأولى و الثانيه، واللغه الأم ثم اللغه الأجنبيه بالنسبه للمتعلم الناطق باللغه الامازيغية، مع تبيان مختلف الصعوبات التي يلقاها خلال سيرورة اكتسابه للغه العربيه، في ارتباط بالظروف والبنيه اللغويه والتدخلات الصوتية المرتبطة بمخارج الحروف وصفاتها.
وفي نفسي السياق، تضمن القسم الثاني من الكتاب مقالا باللغه الفرنسيه عن دور الأغنيه والشعر الأمازيغيين كوسيله لنقل القيم، باعتبارهما كنزين يزخران بكل ما توفره البيئه الاجتماعية للمجال، انطلاقا من اللغه المتداوله والتراث الشفهي بتقاليده وأعرافه وعاداته، والتي يلعب فيها الشعر الأمازيغي دورا محوريا، وهو ما تخلده القول المتداولة : ” بدون شعر لا وجود لشيء ” (Tar izli ur telli )
أما القسم الثالث من الكتاب، فقد تناول الماء والمجال وإشكاليه الموارد، باعتبار النذرة في هاته الماده الحيوية يعتبر من مميزات تلك المنطقه من الجنوب الشرقي المغربي. وهو ما تم التطرق له في أربع مشاركات تناولت الماء الطبيعي والماء الثقافي في الواحات المغربيه،بالإضافة إلى دراسه في أثر الماء في المجتمع والذهنيات بواحات زيز وغريس الأسفلين، ثم مظاهر وعوامل وأشكال تهيئه الديناميه النهريه الماء بحوض زيز. دون نسيان إبراز مظاهر الحياه الثقافيه بواحات غريس، من خلالي تناول جدليه الماء والقصر وأهميه وجود الماء في حياه الإنسان الواحي وإقامة قصوره وتجمعاته المميزة.
الكتاب إذن يعتبر إضافه نوعيه للإصدارات التي تتناول ت جانبا من مجالات الجنوب الشرقي المغربي، والتي لا شك ستفيد الباحثين والطلبه والمهتمين بواحات زيزوغريس، أملا في مزيد من تسليط الضوء على هذه المنطقه التي سبق لباحثين و كتاب أن أطلقوا عليها ” المغرب العميق “
تعليقات
0