لينابريس
إن المشاركات والمشاركين في الملتقى البرلماني الرابع للجهات المنظم يوم 19 أكتوبر 2022 بشراكة بين مجلس المستشارين و المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وجمعية جهات المغرب، والجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم، والجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات، تحت شعار “مأسسة النهج التعاقدي: دعامة أساسية لتسريع تنزيل الجهوية المتقدمة”؛
إذ يعتزون بالرعاية الملكية السامية التي أبى جلالة الملك حفظه الله إلا أن يسبغها على هذا الملتقى، مؤكدين إصرارهم على مواصلة جهودهم لاستقصاء السبل الكفيلة بتعزيز ودعم نظام الجهوية المتقدمة، بغاية توطيد أسسه، وإبراز الآفاق الواسعة التي يفتحها هذا الورش الإصلاحي الكبير أمام تقدم وازدهار المملكة؛
إذ يستحضرون المقتضيات الدستورية المؤطرة للجماعات الترابية، لاسيما مبادئ التدبير الحر والتعاون والتضامن، المنصوص عليها في الفصل 136 من الدستور، ومبدأ التفريع، المنصوص عليه في الفصل 140 من الدستور، و”مساهمة الجهات وباقي الجماعات الترابية في تفعيل السياسة العامة للدولة وفي إعداد السياسات الترابية من خلال ممثليها في مجلس المستشارين”، المنصوص عليها في الفصل 137 من الدستور؛
إذ يسترشدون بتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ذات الصلة بمجال التقائية السياسات العمومية على المستوى الترابي وبمختلف جوانب الحكامة الترابية، لاسيما الرسالة الملكية السامية الموجهة للمناظرة الوطنية الأولى حول الجهوية المتقدمة، المنعقدة بمدينة أكادير يومي 20 و21 دجنبر 2019، والتي ربط فيها جلالته التطبيق الفعلي للجهوية المتقدمة بوجود “سياسة جهوية واضحة وقابلة للتنفيذ”؛
إذ يثمنون الخلاصات والتوصيات الصادرة عن الدورات السابقة للملتقى البرلماني للجهات، وكذا تلك الصادرة عن المناظرة الوطنية الأولى حول الجهوية المتقدمة، المنعقدة بأكادير يومي 20 و21 دجنبر 2019، لاسيما ما تعلق منها باعتماد “إطار توجيهي لاختصاصات الجماعات الترابية”؛
إذ يستحضرون توجيهات جلالة الملك نصره الله بخصوص الظرفية الاقتصادية والاجتماعية والمناخية الحرجة التي تمر منها بلادنا،ويقدرون الإكراهات والتحديات الكبيرة التي واجهتها الدولة والمجالس الترابية ومختلف المؤسسات والأجهزة الإدارية ، إبان تعاطيها مع جائحة كوفيد-19، التي كان من تداعياتها الجانبية إضفاء نوع من التباطؤ على مستوى تفعيل السياسات والبرامج ذات العلاقة بالجهوية.
وإذ يستبشرون خيرا بالتوجهات الداعمة للمشروع الجهوي الواردة في تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد، والتي تشكل في نظر الملتقى أفقا ومنعطفا استراتيجيا بارزا، لاسيما من حيث تأكيدها على أن استكمال الإصلاح الجهوي يعد مطلبا أساسيا لتحقيق نقلة نوعية حقيقية في التعاطي مع التحديات التنموية التي تواجهها البلاد؛
يوصون بما يلي:
أولا:بالنسبة للتوصيات التأسيسية والتوجيهية، ويتعلق الأمر بمقترحات، ذات أبعاد إستراتيجية، تروم في مجملها التأكيد على الأهمية القصوى التي يكتسيها النهج التعاقدي، في تأطير العلاقات بين الدولة والجهات، وبين الدولة وباقي أصناف الجماعات الترابية، وبين المجالس الترابية المنتخبة فيما بينها:
- دعم التوجه المتنامي نحو التعاقد بين الدولة والجهات في شكل عقود برامج اعتبارا لرمزيتها السياسية ولمرونتها وأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ومساهمتها في توطيد دعائم الجهوية المتقدمة ومساعدتها على ترسيخ ثقافة التعبئة والتعاون بين المستويين المركزي والجهوي.
- وضع إطار مرجعي للتعاقد، يضع حدا للفراغ الذي يميز الممارسات الحالية في هذا المجال، ويبين على الخصوص أسلوب وآليات التعاقد بين الدولة والجهات،ويبرز الجوانب السياسية المسطرية لمسلسل التعاقد، بدءا من تحديد أهداف ومجالات التعاقد، ثم محتويات العقود مع التمييز بين ما هو قار وما هو متغير، مرورا بتدقيق مساطر التحضير والتفاوض والتفعيل حسب أدوار الأطراف، قبل التطرق للجوانب المتعلقة بطرق وآليات إشراك الأطراف المعنية في حكامة المسلسل التعاقدي وطنيا ومحليا.
- إشراك مجلس المستشارين في بلورة الإطار المرجعي المشار إليه أعلاه، اعتبارا لدوره كرافعة مؤسساتية لمسلسل الجهوية المتقدمة، وباعتباره أيضا فضاءا للحوار وإطارا مؤسساتيا ملائما لإعداد وثيقة مرجعية متوافق بشأنها.
- مواصلة الجهود المبذولة لتدقيق الاختصاصات المنوطة بكافة مستويات الإدارة الترابية وتمكين كل مستوى من حزمة محددة من الاختصاصات تتناسب مع وضعيته ومع الإمكانيات والقدرات البشرية المتوفرة لديه، مما من شأنه أن يسهل التعاقد بين الدولة والجهات وفيما بين الجماعات الترابية، ويضفي نوعا من الانسجام والتناسق على المبادرات التعاقدية مستقبلا.
- توظيف السياسة التعاقدية في خدمة أهداف تطوير وإغناء منظومة التدبير اللامركزي في البلاد، وعدم حصرها في مجرد آلية لتجسيد تصاميم التنمية الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالجهات أو الجماعات الترابية الأخرى.
- التأكيد من جديد على أهمية مواصلة تعزيز اللاتمركز الإداري ومنح الصلاحيات التقريرية اللازمة للمدراء الجهويين للقطاعات الوزارية لتتجاوب منظومة اللاتمركز الإداري مع مستلزمات السياسة التعاقدية.
- إعادة النظر في نموذج تدبير قطاع توزيع الكهرباء والماء الصالح للشرب والتطهير السائل، من خلال وضع مقاربة تشاركية وتضامنية ، بهدف إنشاء شركات جهوية متعددة الخدمات، تسمح بتدبير ناجع ومندمج لهذه الخدمات العمومية وتشكيل فضاء مؤسساتي لتعاضد الوسائل والاستغلال الأمثل للموارد.
ثانيا:بالنسبة للتوصيات الداعمة لبناء القدرات التفاوضية والتعاقدية للجماعات الترابية، والتي تتعلق بمقترحات عملية وإجرائية الغاية منها تأهيل المنتخبين والأطر الإدارية المحلية وتعزيز قدراتهم على مواجهة التحديات التي يتطلبها التعاقد، لاسيما في علاقة الجماعات الترابية بالدولة: - العمل على رصد الممارسات الجيدة في مجال التعاقد وتتبعها والتعريف بها على نطاق واسع، بما يساهم في ترسيخ النهج التعاقدي وتسهيل الولوج إليه، لاسيما من طرف الجماعات القروية التي هي بحاجة ماسة لآلية التعاقد لسد احتياجات ساكنتها في مجال البنية التحتية والخدمات الأساسية.
- تكوين وإعداد المنتخبين في مجال التفاوض والترافع من أجل تعزيز قدراتهم في مجال إبرام التعاقدات مع الدولة، وكذا العمل على تأهيل المستويات الإدارية العليا في الإدارات الترابية الجهوية والإقليمية والجماعية، عن طريق تنظيم أوراش عملية وتطبيقية في مجال التعاقد تساعدهم على اكتساب مهارات تفاوضية تساعد المجالس المنتخبة على رفع سقف الأهداف التي تسعى إلى إدراكها في ارتباطاتها التعاقدية المختلفة.
- القيام بتقييم مرحلي للسياسة التعاقدية المنتهجة بغرض الوقوف على جوانبها المميزة وجوانب القصور التي تعتريها، وذلك بفتح نقاش صريح وموضوعي في شأنها مع الجهات والجماعات الترابية الأخرى، والخروج بمقترحات بناءة تعزز من مكانة التعاقد ضمن منظومة الحكامة الترابية.
- تعزيز أدوار الوكالات الجهوية لتنفيذ المشاريع وتثمين مكانتها في مسلسل تهيئ عقود البرامج وتنفيذها.
- إعداد دلائل نموذجية توجيهية للتعاقد ووضعها رهن إشارة الجهات وباقي الجماعات الترابية.
ثالثا، وفي أفق مأسسة وتجويد النهج التعاقدي، يوصي المشاركون في الملتقى مجلس المستشارين ب:
- استثمار كل الإمكانات التنظيمية المتاحة لإحداث آلية مؤسساتية تتولى تقييم تجربة تنزيل الجهوية المتقدمة وتجميع المعطيات المحينة ذات الصلة.
- تشكيل خلية تتولى ترصيد وتحديث البيانات ذات الصلة بشكل دائم ومنتظم، واستثمارها ضمن قاعدة بيانات مندمجة.
تعليقات
0