نورالدين قربال
انعقد لقاء مهم بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول إفريقية. وألقى الرئيس الأمريكي خطابا مؤطرا لهذا اللقاء. مركزا على أن نجاح إفريقيا نجاح للولايات المتحد الأمريكية والعالم كله. متعهدا باستثمارات بالقارة خلال السنوات الثلاث المقبلة بغلاف مالي يقدر ب 55 مليار دولار. داعيا إلى شراكة قوية مع أمريكا. دون إكراه سياسي ولكن في ظل السيادة والشرعية. كل هذا سيخلق فرصا بين الطرفين. من خلال هذا الموقف الأمريكي يريد الرئيس جو بيدان أن يدين موقف الرئيس السابق ترامب ومزاحمة التدخل الروسي والصيني وبدرجة أقل التركي.
وقد استثمر هذا الملتقى لمناقشة قضايا متعددة نحو: الأمن الغذائي والتحولات المناخية والصحة والأمن والسلم والإرهاب والاقتصاد. وهذا هو الملتقى الثاني دجنبر 2022 بعد ملتقى 2014 مع أوباما. وأكدت أمريكا أن يكون النقاش بين الطرفين مسؤولا، ومثمرا وغير إقصائي. ومن الأمور التي وعد بها الرئيس الأمريكي هو الدفاع عن عضوية الاتحاد الإفريقي في المجموعة 20 التي تضم 19دولة الأكثر صناعة في العالم. وإشراك الاتحاد الإفريقي في المناقشات الدولية نحو الديمقراطية والمناخ والصحة والحكامة والأمن. كما تعهد الرئيس بتمثيلية الاتحاد الإفريقي بمجلس الأمن وكذلك أمريكا الجنوبية واليابان والهند.
إن هذه التعهدات للرئيس الأمريكي هي نفس المطالب التي أكد عليها رئيس الاتحاد الإفريقي ماكي سال رئيس السينغال عندما حل ضيفا على مجموعة 20 والتي نوجزها فيما يلي: المساهمة في مناقشة قضايا العالم الاستراتيجية، كالأمن الغذائي والطاقة خاصة وأن عدد ساكنات إفريقيا مليار نسمة وستصل حسب بعض التقديرات إلى 2.5 مليار نسمة سنة 2050. مضيفا أن 60 في المئة من الدول العربية موجودة بإفريقيا. مؤكدا على المحاور التالية: تقوية الشراكات، قضايا التحولات المناخية والبيئية، والإصلاحات المؤسساتية، وتثمين التراث الثقافي.
إن الحضور المغربي بهذه القمة إضافة نوعية كبيرة، لأن رؤية جلالة الملك للقارة راقية المعتمدة على علاقة جنوب-جنوب ورابح-رابح إضافة إلى استحضار قيم التضامن والتعاون. ومفهوم الأسرة للقارة والبيت الواحد. وهذه فلسفة راقية لأنه لا تنمية للقارة عمليا إلا بتأطير علمي. المبني على فلسفة القيم الإفريقية والكونية، التي تؤهلها للندية مع الآخر. كل هذا جعل المغرب يحظى باحترام وتقدير داخل القارة، متبوئا الرتبة الثانية في الاستثمار قاريا. هذا الاستثمار الذي أخذ أبعادا روحية واجتماعية واقتصادية وثقافية وبيئية. وبذلك لا تقدم لإفريقية إلا بهوية إفريقية حتى لا يملأ الفراغ من قبل الآخر. وبهذا المنهج ستكون الشراكات مع الآخر سلسة، ومفيدة ومستفيدة. وبذلك تكون تمثيلية مليارمن الساكنة الإفريقية بهوية حضارية ذاتية، وظلالها الوافرة في الشراكات الدولية، بناء على منظومة رابح-رابح.
إن هذا الاختيار اختبار صعب، لأن إفريقيا أمام طريقين: بناء تنموي بعمق إفريقي وشراكات دولية على أساس التعاون والتضامن ورابح –رابح أو تنمية صورية ظاهرها مشع وباطنها مؤلم ومستنزف للخيرات من قبل الأقطاب المتطاحنة. إذن المطلوب من إفريقيا توحيد جغرافية الأفكار والقيم حتى نضمن توحيد مورفولوجية التراب وجغرافبة التنمية. هاته هي الحقيقة المرة التي يجب أن نفك شفرتها، حتى يتبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض.
خلاصة القول إن إفريقيا بدأت تتحرك خاصة بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي. وإفريقيا غنية لكن شعوبها فقيرة. أين الخلل؟ الميزان مضطرب، إذن مزيدا من البناء التنموي بعمق إفريقي، المؤهل لشراكات إقليمية ودولية عادلة ومنصفة حتى تضمن إفريقية الكفاف والعفاف والغنى عن الناس. وإلا سيظل مستقبل القارة رهين بالأقطاب الدولية التواقة إلى استنزاف مواردها وخيراتها بطرق غير شرعية. ولا إخال القارة إلا أنها ستختار الاختيار الإيجابي الأول إلا من أبى.
تعليقات
0