رحال لحسيني
“مهما كان تعلقك بشخص ما تلاعب بصدقك مرة، لديه استعداد لفعل ذلك مرة وكمْ من مرة، ناذرا ما يكون خطؤه ضعفا طارئا أو صدفة غادرة”.
كانت تشعر بألم شديد وهي تردد ما تكرر بين يديها الصغيرتين، يكاد قلبها أن يتمزق كل حين.
“الذين يسيئون لأنفسهم ضدك في فترة خصام يمكن أن يعالج هفواتهم عودة الود، ومن يحمله أصله لاختلاق مبررات سافرة ليس له ما يدفعه لاستعادتك إلا مصلحة أخرى.
لن يكونوا صادقين في الخفاء على الأقل، كما كانوا”.
شكوك قاسية تملأ جوفها بالقلق، تعرف أنها ليست ظنونا وإنما عدم رغبتها في تجرع تصديق صعب.
كان يمشي فوق رمال دافئة في جو ليلي قارس، مراكب صغيرة تشد رحالها إلى أعماق تناسب إبحارها في يم متقلب.
ذبلت عيونها التي كانت لا ترى أن الإساءة إليها تتكرر، قبل كل لقاء هادئ بينهما وبعده، يرتفع صوت أنفاسها وينخفض من شدة السكينة التي تشعر بها تلك اللحظات.
كما الأيام التي تشتاق فيها إلى دفء عابر. الصيادون يحملون زاد يوم واحد، ولا يثقون في العودة إلى مرفأ موحش يختبئ خلف مرتفع صخر ناشئ تضيء ممرات مراسيه الضيقة في الظلام وتختفي في بحر نهار مشمش.
لا تظهر إلا حين يقتربون منها، يبحرون يحملون ما تبقى من أحلام تطمئن إليها قلوبهم، يهللون ينشدون وينتشرون، يعاركون عباب موج لا يبالي بهم.
تعيد نسج صفعات مكر لا تغتفر، هزت وجدانها من جديد، يصعد الضغط إلى جبينها ناصع البياض، تحمر عيونها كثيرا تغمضهما بشوق موجع وتنام في واضحة الألم.
تعليقات
0